وفيه أيضاً أخذ آبقاً من مسيرة ثلاثة أيام، وجاء به يوماً، ثم أبق العبد منه، وسار يوماً نحو المصر الذي فيه المولى، وهو لا يريد الرجوع إلى المولى، ثم إن ذلك الرجل أخذه ثانياً، وجاء به اليوم الثالث، فدفعه إلى المولى، فله جعل اليوم الأول والثالث، وهو كالجعل، ولو كان حين أبق من الذي أخذه وجده مولاه فلا جعل للذي أخذه، ولو كان العبد فارق الذي أخذه وجاء متوجهاً إلى مولاه لا يريد الإباق فللأول جعل يوم، وفيه أيضاً؛ أخذا عبداً آبقاً ودفعه إلى رجل، وأمر له أن يأتي به مولاه، ويأخذ منه الجعل فيكون له؛ يعني للمأمور، فقدم به ودفعه إلى مولاه أخذ الجعل منه، ويكون لو قال ثمة، وهو بمنزلة دين (١١٠ب٢) لرجل على رجل، وهبه من رجل وأمره بقبضه فقبضه.
في «الأصل» : عبد أبق إلى بعض البلدان، فأخذه رجل، واشتراه منه رجل آخر وجاء به لا جعل له، إنما رده لنفسه، فإن المشتري يكون غاصباً لملك المشتري فيكون غاصباً في حق المولى لا عاملاً له في الرد، فإن كان حين اشتراه أشهد أنه إنما اشتراه ليرده على صاحبه؛ لأنه لا يقدر عليه إلا بالشراء؛ فله الجعل لأنه بهذا الإشهاد أظهر أنه في الرد عامل للمولى، فلا يرجع على المولى بما أدى من الثمن قل أو كثر، وإن وهب له أو أوصى له به أو ورثه، فالجواب فيه كالجواب في الشراء، ولا يستحق الجعل.
أخذ عبداً آبقاً وجاء به ليرده على مولاه، فلما نظر إليه المولى أعتقه، ثم أبق من يد الآخر، كان له الجعل؛ لأن الإعتاق نص معنى؛ لأنه إتلاف للمالية، فقد وصل العبد إلى المولى معنى، ألا ترى أن المشتري لو أعتق المشترى قبل القبض صار قابضاً له كذا ههنا، ولو كان دبره والمسألة بحالها فلا جعل له؛ لأن التدبير ليس بقبض؛ لأنه لا يتلف به المالية، فلم يصل العبد إلى يد المولى أصلاً.
ولو كان الآخذ حين سار به ثلاثة أيام أبق منه قبل أن يأتي به إلى المولى، ثم أعتقه المولى فلا جعل؛ لأن المولى لم يصر قابضاً من يد الآخذ؛ لأنه حين أعتقه لم يكن في يد الآخذ، ولو جاء به إلى مولاه فقبضه، ثم وهبه منه فعليه الجعل، ولو وهبه منه قبل أن يقبضه فلا جعل له؛ لأنه لم يصل إلى المولى من جهة لا بصورته ولا بمعناه، ولو باعه منه قبل أن يقبضه فعليه الجعل؛ لأنه وصل إلى المولى عوضه، فصار كما لو وصل إليه عينه بهذه الجملة.
وفي «العيون» قال شمس الأئمة الحلواني: الراد إنما يستحق الجعل إذا أشهد عند الأخذ أنه إنما أخذه ليرده على المالك أما إذا ترك الإشهاد لا يستحق الجعل وإن رده على المالك.
[الفصل الرابع في بيان وجوب الضمان على راد الآبق]
إذا مات الآبق عند الآخذ أو أبق منه قبل أن يرده على المولى؛ فإن كان حين أخذ أشهد أنه إنما أخذه ليرده على صاحبه لا ضمان عليه، وكذلك إذا قال وقت الأخذ: هذا