للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر، ذكر في «الأصل» أنه يجري الموس على رأسه؛ لأنه لو كان على رأسه شعر كان المأخوذ عليه إجراء الموس، وإزالة الشعر فما عجز عنه سقط وما لم يعجز عنه يلزمه، ثم اختلف المشايخ أن إجراء الموس مستحب أو واجب، والأصح أنه واجب لما ذكرنا، والحلق في حق الحاج يتوقت بالمكان، وهو الحرم، وبالزمان وهو يوم النحر عند أبي حنيفة رحمه الله، حتى لو أخرّه عن يوم النحر، أو عن الحرم يلزمه الدم، وعلى قول أبي يوسف رحمه الله لا يتوقت بالزمان، ولا بالمكان حتى لا يلزمه الدم أخرّه عن المكان أو عن الزمان، وعلى قول محمد رحمه الله يتوقت بالزمان حتى يلزمه الدم بالتأخير عن الزمن.

وفي حق المعتمر لا يختص بالمكان ولا بالزمان بلا خلاف.

وفي «المنتقى» : ابن سماعة عن محمد رحمه الله: حاج أو معتمر برأسه قروح لا يستطيع معها إمرار الموس على رأسه، ولا يصل إلى تقصير شعره، وهذا مما يطمع في برئه قريباً أو مما لا يدري هل يبرأ أو لا يبرأ؟ قال: إذا لم يبق إلا الحلق، ولم يقدر عليه ولا أن يمر الموس على رأسه، فقد حل في العمرة والحج، بمنزلة ما لو حلق رأسه، فإن أخرّ الإحلال حتى يمر الموس على رأسه قبل مضي أيام النحر، فقد أحسن، وإن لم يؤخر فلا شيء عليه. هذا إذا عجز عن الحلق بقروح في رأسه، وإن عجز عن ذلك؛ لأنه لم يجد الموس، أو لم يجد من يحلقه، فهذا ليس بعذر، ولا يجوز له إلا الحلق أو التقصير، والله أعلم.

[الفصل الخامس عشر: في الرجل يحج عن آخر]

اختلفت عبارة المشايخ في المأمور بالحج عن الغير إذا حج، فعبارة الشيخ الإمام الزاهد شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده أن على قول أصحابنا رحمهم الله أصل الحج يقع عن المأمور، وللآخر ثواب النفقة إلا أن أصل الحج يقع عن الآمر، وهذا لأن أصل الحج لو وقع عن الآمر إنما يقع إذا صار المأمور نائباً عن الآمر في أصل الحج عبادة بدنية، والنيابة لا تجزىء في العبادات البدنية، والدليل عليه أنه يشترط أهلية المأمور، وهذا يدلّك أن الفعل ما وقع عن الآمر، ولكن (١٨٢أ١) للآمر ثواب النفقة، وصار إنفاق المأمور كإنفاق الآمر بنفسه، فأمكن القول به؛ لأن النيابة تجري في الإنفاق، ولكن يسقط أصل الحج عن الآمر؛ لأن الإنفاق أقيم مقام الأفعال في حق سقوط الأفعال حالة العجز عن الفعل، كما أقيم الفداء مقام الصوم في حق الشيخ الفاني في حق سقوط الصوم.

وعبارة الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: «أن أصل الحج يقع عن الآمر، وبنحوه ورد الأثر، فإن النبي عليه السلام قال للخثعمية «حجي عن أبيك» وأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>