في قسمه بناءً ثم استحق قسمه ونقض بناؤه ورد القسمة، لا يرجع على شريكه بقيمة البناء، ذكر في بعض نسخ كتاب القسمة وهو محمول على ما إذا اقتسما الدار على حده والأرض على حدة، فتكون هذه قسمة يوجبها الحكم، وذكر في بعض النسخ أنه يرجع على شريكه بنصف قيمة البناء، وهو محمول على ما إذا اقتسما فأخذ أحدهما الدار، وأخذ الآخر الأرض فتكون هذه قسمة لا يوجبها الحكم.
وإذا كانت الدار بين قوم فقسمها القاضي بينهم وجمع نصيب كل واحد منهم في دار على حده، وأجبرهم على ذلك، وبنى أحدهم في الدار الذي أصابه بناءً ثم استحقت هذه الدار وهدم بناؤه، لا يرجع على شركائه بالقيمة.
أما عندهما؛ فلأن هذه قسمة يوجبها الحكم عندهما متى رأى القاضي الصلاح فيها، وأما عند أبي حنيفة فلأن القاضي لما قسمها قسمة جمع فقد حصل قضاؤه في فصل محتمل فيه فالتحقت الدور بالدار الواحدة عندهم جميعاً.
وفي «المنتقى» : هشام عن محمد: دار بين رجلين جاء رجل إلى أحدهما، وقال: وكلني شريكك أن أقاسمك فلم يصدقه ولم يكذبه فقاسمه ثم بنى فيها (٩ب٤) صار له بناء يعني الشريك الحاضر، ثم جاء الشريك الغائب، وأنكر أن يكون وكله بذلك، قال: يرجع صاحب البناء على الوكيل بقيمة البناء إن شاء؛ لأنه غره والله أعلم.
[الفصل العاشر: في القسمة يستحق منها شيء]
في «الأصل» : وإذا وقعت القسمة بين الشركاء في دار وأرض، ثم استحق شيء منها، فالمسألة على ثلاثة أوجه:
الأول: أن يستحق جزء شائع من الكل بأن استحق نصف كل الدار أو ثلث كل الدار أو ما أشبه ذلك، وفي هذا الوجه القسمة فاسدة، واختلفت عبارة المشايخ في تعليل المسألة، بعضهم قالوا: إنما فسدت لحق المستحق؛ لأنها لو لم تفسد يحتاج المستحق إلى قسمة ما في يد كل واحد منهما، فيفرق عليه نصيبه في الموضعين.
وبعضهم قالوا: إنما فسدت القسمة؛ لأنها لا يفيد فائدتها؛ لأن فائدة القسمة إقرار الأنصباء، ولما ظهر لهما شريك ثالث في النصيبين ظهر أن الإقرار لم يجعل؛ لأن نصيب الثالث شائع في النصيبين جميعاً.
الوجه الثاني: إذا استحق جزء بعينه فيما أصاب واحد منهم، وفي هذا الوجه القسمة صحيحة فيما بقي بعد الاستحقاق، وكان للمستحق عليه الخيار إن شاء نقض القسمة وعاد الأمر إلى ما كان قبل القسمة، وإن شاء أمضى القسمة ورجع على صاحبه بعوض المستحق، وإن بقيت القسمة على الصحة؛ لأن ما هو المقصود من القسمة وهو الإقرار حاصل هنا، فيما وراء المستحق، لأن ما وراء المستحق لهما ليس لثالث فيه بعيب.