المشتري؛ لأن المشتري لم يكن مختاراً في الدفع إليه.
وكذلك الأب إذا وطئ جارية ابنه، وعلقت منه واستحقها لم يرجع بقيمة الولد على الابن وطريقه ما قلنا؛ ولأن القسمة فيما عدا المكيل والموزون إذا كانت قسمة يوجبها الحكم إفراز لعين الحق من وجه، ومبايعة من وجه على ما مر في صدر الكتاب.
فباعتبار أنها مبايعة إن كانت ثبت فيها حكم الغرور فباعتبار أنها إقرار لا يثبت فيها حكم الغرور فلا يثبت فيها حكم الغرور بالشك بخلاف البيع المحض، أما على المعنى الأول؛ لأن البائع مختار في البيع وليس بمضطر فيه، وإما على المعنى الثاني؛ فلأنه ليس فيه إقرار الحق بوجه من الوجوه إذا لم يكن للمشتري فيه عن قبل البيع بوجه من الوجوه، أما القسمة بخلافه.
وأما كل قسمة لا يوجبها الحكم فإنما يثبت فيها حكم الغرور؛ لأن كل واحد منهما غير مضطر في هذه القسمة؛ لأن واحد متمكن من تمييز ملكه بقسمة كل جنس على حده؛ ولأن كل واحد منهما غير متوف لعين الحق حقيقة، فلا إشكال، ولا حكماً؛ لأن ما وصل إليه ليس بمثل لما كان له؛ لأن الدار ليست بمثل الأرض، والأرض ليست بمثل الدار حتى يجعل وصول المثل إليه كوصول عين الحق.
وإذا اقتسم الرجلان داراً بينهما بشراء أو ميراث، وبنى أحدهما في قسمه الذي أخذها، ثم استحق من نصيب الثاني الموضع الذي فيه البناء، ورد القسمة وأبطلها لا يرجع على شريكه بشيء من قيمة البناء؛ لأن هذه قسمة يوجبها الحكم.
وإن كان دارين بينهما فاقتسماها هذا واحد هذا داراً أو هذا داراً وبنى أحدهما في داره التي أخذها واستحقت تلك الدار رجع على شريكه بنصف قيمة البناء، ذكر المسالة في «الكتاب» مطلقاً من غير ذكر خلاف.
من مشايخنا من قال: المذكور في «الكتاب» قول أبي حنيفة؛ لأن هذه قسمة لا يوجبها الحكم على قوله: أما على قولهما هذه قسمة يوجبها الحكم؛ ولهذا يجبر الآبي عليها فيثبت فيها حكم الغرور.
ومنهم من قال: هذا قولهم جميعاً؛ لأن هذه القسمة لا يوجبها الحكم لا محالة عندهما إنما يوجبها الحكم إذا رأى القاضي الصلاح في أن يلقحها بالجنس الواحد، أما قبل رؤية القاضي ذلك فلا، والجواب في الأرضين كالجواب في الدارين.
ولو كانا خادمين فاصطلحا على أن يأخذ هذا خادماً، وذلك خادماً فعلقت إحدى الخادمين من الذي أصابها، ثم استحقها رجل رجع على شريكه بنصف قيمة الولد، وهذا الجواب ظاهر على قول أبي حنيفة؛ لأن هذه قسمة لا يوجبها الحكم على قول من يقول من المشايخ: إن قسمة الرقيق قسمة جمع على قولهما موكول إلى رأي القاضي.
وأما على قول من يقول من المشايخ: إن الرقيق عندهما يقسم قسمة جمع على كل حال لا يثبت حكم الغرور؛ لأن هذه قسمة يوجبها الحكم لا محالة.
وإذا كانت دار واحدة وأرض بيضاء بين ورثة، فاقتسموا بغير قضاء وبنى أحدهما