تمتعه لما ذكرنا من صورة المتمتع قبل هذا، ويصنع بهديه ما شاء؛ لأن الدم في حق المتمتع للجمع، وقد انعدم الجمع.
فائت الحج إذا تحلل بأفعال العمرة هل ينقلب إحرامه إحرام عمرة؟ ذكر في غير رواية «الأصول» أن على قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله لا ينقلب بل يبقى إحرام، وعند أبي يوسف رحمه الله لا يرفضها بل يمضي فيها؛ لأنه محرم بعمرة أضاف إلى إحرامه حجة، وعند محمد رحمه الله لا يصح الثاني كما لو أحرم قبل الفوات.
وفي «نوادر» : بشر بن الوليد عن أبي يوسف رحمه الله أنه يرفضها كما هو قول أبي حنيفة، وفي بعض المواضع في كتاب «المنتقى» يشير إلى أنه ينقلب إحرامه إحرام عمرة من غير ذكر خلاف، وثمرته تظهر فيما إذا أهلّ بعد فوت الحج بحجة أو عمرة رفضها، حتى لا يصير محرماً بعمرتين، وفي بعض المواضع يشير إلى أن إحرام الحج يبقى من وجه دون وجه من غير ذكر خلاف، وثمرته تظهر فيما إذا أهل بعد فوت الحج بحجة أو عمرة رفضها أياً ما كان، والصحيح قول أبي حنيفة رحمه الله؛ لأن الحاجة إلى الخروج عن إحرام الحج بأفعال العمرة، ولو صار إحرامه إحرام عمرة لم يكن التحلل واقعاً عن إحرم الحج.
[الفصل الثالث عشر: في الجمع بين الإحرامين]
يجب أن يعلم بأن الجمع بين إحرامي الحج أو إحرامي العمرة بدعة، ولكن إذا جمع بينهما لزمتاه عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وعند محمد يلزمه أحدهما؛ لأن الإحرام ما شرع إلا للأداء فلا يتصور إلا وجه يتصور الأداء، وأداء حجتين أو عمرتين معاً لا يتصور، فلا يتصور الإحرام لها أيضاً كالتحريمة في باب الصلاة لما شرعت للأداء، لا تتصور التحريمة للصلاتين كما لا يتصور أداء الصلاتين معاً، وهما قالا: الإحرام بالحج التزام محض في الذمة بدلالة أنه يصح منفصلاً عن الأداء، والذمة متسع لحجج كثيرة، فصارت في هذا الوجه نظير النذر بخلاف التحريمة للصلاة؛ لأنها لا تصح إلا على وجه يتصل بهما الأداء، والأداء لا يتصور، فانعدم الإحرام لانعدام الاتصال، إلا أنه لا بد من رفض أحدهما تورعاً عن المنهي.
بعد هذا (١٨١ب١) قال أبو حنيفة رحمه الله: إذا توجه إلى أحدهما يصير رافضاً الأخرى، وقال أبو يوسف رحمه الله: كما فرغ عن الإحرامين يصير رافضاً لأحديهما.
وفائدة الاختلاف: تظهر فيما إذا قتل صيداً قبل أن يتوجه إلى أحدهما، قال أبو حنيفة رحمه الله: عليه قيمتان، وقال أبو يوسف: قيمة واحدة، وكذلك إذا حصر في هذه الحالة، فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله يحتاج إلى هديين للتحلل، وعلى قول أبي يوسف يكفيه هدي واحد، والصحيح ما قاله أبو حنيفة رحمه الله؛ لأن الالتقاء لا يحتاج فيه إلى