الكفاءة معتبرة في باب النكاح، والأصل فيه قوله عليه السلام فيما رواه جابر عنه:«لا تنكح النساء إلا من الأكفاء» وقال عليه السلام: «ألا لا يُزوجُ النساءَ إلا الأولياءُ ولا يزوجن إلا من الأكفاء» والحكمة في اشتراطها: تحقيق ما هو المقصود من النكاح وهو السكنى والازدواج، إذ المرأة تتعير باستفراش من لا يكافئها، ثم اعتبارها من وجوه:
أحدها: النسب، واعلم بأن الناس طبقات ثلاث: قريش والعرب والموالي، فقريش بعضهم أكفاء لبعض، والعرب بعضهم أكفاء لبعض، ولا يكون العرب أكفاء لقريش، والموالي بعضهم أكفاء لبعض، ولا يكون الموالي أكفاء للعرب ولا لقريش.
قال شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده رحمه الله: الكفاءة فيما بين الموالي (١٩٠ ب١) تعتبر بالإسلام لا بالنسب لأن الموالي ضيّعوا أنسَابهم فلا يعتبر النسب في حقهم، وما قال محمد رحمه الله في «الكتاب» : بعضهم أكفاء بعض إلا أن يكون أمراً مشهوراً، وإنما قال ذلك تعظيماً لأمر الخلافة أو تسكيناً للفتنة والعالم يكون كفئاً للعلوية لأن للعالم شرف الكسب يعني به كسب العلم وللعلوية شرف النسب، وشرف الكسب أولى، وعن هذا قيل: إن عائشة أفضل من فاطمة رضي الله عنهما؛ (لأن لعائشة شرف كسب العلم، قال عليه السلام:«..... تأخذون ثلثي دينكم من عائشة» . ولفاطمة شرف النسب) .
الثاني: المال إلا رواية عن أبي يوسف رحمه الله رواها ابن زياد أن الكفاءة في المال غير معتبرة، وفي ظاهر الرواية معتبرة، والمعتبر فيه القدرة على المهر والنفقة، ولا تعتبر الزيادة على ذلك حتى إن من كان قادراً على المهر والنفقة كان كفئاً لها وإن كانت صاحبة أموال كثيرة وهو الصحيح من المذهب، وإن كان يقدر على نفقتها بالتكسُّب ولا يقدر على مهرها اختلف فيه المشايخ: عامتهم على أن لا يكون كفئاً لها، وذكر هشام في «نوادره» عن أبي يوسف رحمه الله رواية أخرى أنه إذا كان قادراً على العمل فهو كفء لها، قال شيخ الإسلام رحمه الله: وهو الصحيح، وعن أبي حنيفة رحمه الله فيه أنه كفء لها، هكذا روي عن محمد، وروي عن أبي يوسف روايتان ذكره البقالي في «فتاويه» .
وفي «المنتقى» عن محمد رحمه الله: أنه إذا كان للرجل المهر والنفقة لستة أشهر