وفي «المنتقى» : كان أبو حنيفة رحمه الله يكره للصائم أن يمضمض، ويستنشق بغير وضوء، وأن يصب الماء على وجهه ورأسه، وأن يستنقع في الماء، وأن يذوق شيئاً بلسانه، وعن أبي يوسف أنه يكره له أن يتمضمض بوضوء، ولا بأس بأن يستنقع ويغسل على رأسه ويبل ثوبه.
وفي «القدوري» : ولا بأس للصائم أن يقبل ويباشر إذا أمن على نفسه ما سوى ذلك، وروى الحسن عن أبي حنيفة: أنه كره المعانقة والمباشرة والمصافحة، وليس بين الروايتين تنافي، فرواية الحسن محمولة على المباشرة الفاحشة، بأن يعانقها، وهما متجردان، ويمس فرجه فرجها، وهذا مكروه بلا خلاف، ولأن المباشرة إذا بلغت هذا المبلغ يفضي إلى الجماع غالباً، وما ذكر في ظاهر الجواب محمول على ما إذا لم تكن المباشرة فاحشة، وفي المباشرة إذا لم تكن فاحشة، إذا كان يخاف على نفسه يكره أيضاً.
[الفصل السابع في الأسباب المبيحة للفطر]
إذا أفطر في صوم التطوع فإن كان بعذر يحل، واختلفت الروايات عن أصحابنا رحمهم الله في الضيافة، أنه هل تكون عذراً؟ فعن أبي يوسف أنه إذا دعاه أخ له إلى الطعام فهذا عذر يفطر ويقضي، وروى هشام عن محمد: إذا دخل على أخ له، فسأله أن يفطر لا بأس بأن يفطر قالوا: إن الصحيح من المذهب أنه ينظر في ذلك، إن كان صاحب الدعوة ممن يرضى بمجرد حضوره، ولا يتأذى بترك الإفطار لا يفطر، وإن كان يعلم أنه يتأذى بترك الإفطار يفطر قال الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة الحلواني: أحسن ما قيل في هذا الباب: إن كان يثق من نفسه بالقضاء يفطر، دفعاً للأذى عن أخيه المسلم، وإن كان لا يثق من نفسه بالقضاء لا يفطر وإن كان في ترك الإفطار أذى المسلم،
وقد اختلف مشايخ بلخ فيمن حلف على صائم (١٦١ب١) بطلاق امرأته أن يفطر قال خلف بن أيوب: لا ينبغي له أن يفطر، وقال الفقيه أبو الليث: الأولى أن يفطر، ثم يقضي، وعلى قياس ما ذكره شمس الأئمة الحلواني رحمه الله في مسألة الضيافة يجب أن يكون الجواب في مسألة الحلف على ذلك التفصيل أيضاً.
وهذا إذا كان الإفطار قبل الزوال، فأما بعد الزوال، فلا يفطر إلا إذا كان في ترك الإفطار عقوق بالوالدين أو بأحدهما، وأما الإفطار بغير عذر بشرط القضاء ذكر في «المنتقى» عن أبي يوسف أنه يحل.
وهكذ روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة ذكر أبو بكر الرازي عن أصحابنا أنه لا يحل، والمتأخرون اختلفوا فيه وهذا كله في التطوع، أما في الفرض والواجب لا يحل الإفطار إلا بعذر، والسفر ليس بعذر في اليوم الذي أنشأ السفر فيه، وعذر في سائر الأيام