الحاضر لو قال لغيره: بعني عبدك بكذا فقال: بعت لا يتم البيع ما لم يقل قبلت فكذلك إذا كتب، فلا بُدّ من زيادة بعني وذلك بأن يكتب: قد اشتريت عبدك بكذا فبعه مني، فإذا قال الآخر بعت حينئذ يتم البيع بينهما كما لو كان حاضراً، وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله وجه تصحيح ما ذكر محمد رحمه الله أن قول الحاضر: بعني يكون استياماً عادة، ومن الغائب إذا كتب يكون أحد شطري العقد عادة، فإذا انضم إليه الشطر الثاني يتم البيع والله أعلم.
[الفصل الثالث عشر في بيان أسباب التحريم]
فنقول: أسباب التحريم كثيرة، من جملة ذلك النسب، ومسائله معروفة، ومن جملة ذلك المصاهرة.
قال محمد رحمه الله في «الأصل» : إذا وطىء الرجل امرأة بنكاح أو ملك أو فجور حرمت عليه أمُّها وابنتها، وهو محرم لهما؛ لأنه لا يجوز له نكاحهما، وحرمت هي على آبائه وأبنائه، وكما ثبتت هذه الحرمة بالوطء تثبت بالمسّ والتقبيل والنظر إلى الفرج بشهوة سواء كان بنكاح أو ملك أو فجور عندنا إذا كان المحل مشتهاه، ولا تثبت هذه الحرمة بالنظر إلى سائر الأعضاء وإن كان عن شهوة وحد، والشهوة: أن تنتشر آلته إليه بالنظر إلى الفرج أو المس إذا لم يكن منتشراً قبل هذا، وإذا كان منتشراً فإن كان يزداد قوة و..... بالنظر والمسّ كان ذلك عن شهوة وما (لا) فلا، وهذا إذا كان شاباً قادراً على الجماع، وإن كان شيخاً أو عنيناً فحدُّ الشهوة أن يتحرك قلبه بالاشتهاء إن لم يكن متحركاً قبل ذلك، ويزداد الاشتهاء إن كان متحركاً فهذا هو حدّ الشهوة التي حكاها.... عن أصحابنا رحمهم الله، وإليه مال شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده وشمس الأئمة السرخسي رحمهما الله.
وكثير من المشايخ لم يشترطوا الانتشار، وجعلوا حدّ الشهوة أن يميل قلبه إليها ويشتهي جماعها. وكان الفقيه محمد بن مقاتل الرازي رحمه الله لا يعتبر تحرك القلب، وإنما يعتبر تحرك الآلة، وكان لا يفتي بثبوت الحرمة في الشيخ الكبير العنين والذي ماتت شهوته حتى لم يتحرك عضوه بالملامسة.
وروى ابن رستم عن محمد رحمه الله: أنه إذا لمسها بشهوة فلم ينتشر عضوه أو كان منتشراً فلم يزدد انتشاره حتى تركها ثم ازداد انتشاره بعد لم تثبت به الحرمة، وإنما تثبت الحرمة إذا انتشر بالمس وهو بعدُ لامسها، أو يزداد انتشاره وهو لامسها بعد.
جئنا إلى حدّ المشتهاة: حكي عن الشيخ الإمام الجليل أبي بكر محمد بن الفضل