الإيلاء: هو اليمين على ترك وطء المنكوحة أربعة أشهر فصاعداً؛ لأنّ كتاب الله تعالى قيّده بأربعة أشهر، حتّى لو عقد يمينه على ترك وطء المنكوحة أقلّ من ذلك أربعة أشهر لا يكون إيلاءً، بل يكون يميناً، وإنّه على نوعين:
أحدهما: أن يكون اسم الله أنّه يمين بالله تعالى؛ لأنّ صورة اليمين بالله تعالى قوله: والله لا أفعل كذا، وصورة الإيلاء إذا كان الإيلاء باسم من أسماء الله تعالى أن يقول لامرأته: والله لا أقربك أربعة أشهر.
والثاني: أن يكون بطلاق أو عتاق أو ما أشبه وأنّه غير الطلاق والعتاق؛ لأنّ صورة اليمين بالطلاق أو العتاق إن فعلت كذا فامرأته طالق، إن فعلت كذا فعبدي حرٌّ، وصورة الإيلاء إذا كان الإيلاء بطلاق أو عتاق أن يقول لامرأته: إن قربتك فعبدي فلان حرّ، إن قربتك، فامرأتي فلانة طالق.
وحكم الإيلاء اثنان:
أحدهما: يتعلق بالحنث بأن يقربها في مدّة الإيلاء، وهو لزوم الكفّارة إن كان الإيلاء باسم من أسماء الله تعالى، ولزوم ما جعل حرّاً إن كان الإيلاء بغير الله تعالى.
والثاني: يتعلّق بالبرّ بأن لم يقربها حتّى مضت مدّة الإيلاء، وهو وقوع تطليقة بائنة، فالإيلاء يوافق سائر الأيمان في حقّ حكم الحنث، وهو وجوب الكفّارة بوجود المحلوف عليه، وهو القربان إن كان الإيلاء بالله ولزوم ما صار جزاءً على المحلوف عليه وهو الطلاق أو العتاق إن كان الإيلاء بالطلاق أو العتاق، ويخالف سائر الأيمان في حقّ حكم البرّ فإنَّ في سائر الأيمان لا يلزمه بالبرّ شيء، وفي الإيلاء بالبرّ تلزمه تطليقة بائنة.
وصار تقدير الإيلاء في حقّ حكم البرّ، كأنّه قال إن مضت أربعة أشهر ولم أقربك فأنتِ طالق تطليقة بائنة عرف ذلك بقوله تعالى:{وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(البقرة: ٢٢٧) جاء عن رسول الله عليه السلام أنّه قال: «عزيمة الطلاق مضيّ أربعة أشهر» ، وهكذا نقل عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر، وعائشة رضوان الله عليهم أجمعين، أنّهم قالوا:«عزيمة الطلاق مضي أربعة أشهر» ، ولأنّ الإيلاء كان طلاقاً في الابتداء وجب النظر في قدر ما يعتبر بالشرع، وذلك بما أوجب الله تعالى له من التربّص أربعة أشهر فبقي بعد مضي المدّة طلاقاً كما كان.
وأمّا مدّة إيلاء الأمة شهران، وإذا مضت هذه المدّة فالحكم فيها كالحكم في الحرة لأنّ هذه المدّة شرعت أصلاً للبينونة، فتشابه مدّة العدّة فيثبت جرء بالرّق كما في العدّة،