على صاحبيه من نصيبه لم يتعين بعد فكأنه وجد إحدى شطري القسمة، وإن خرج قرعة اثنين منهم، ثم أراد أحدهم أن يرجع ليس له ذلك؛ لأنه تعين نصيب كل واحد منهم وتمت القسمة في حقهم؛ لأن بخروج السهمين يتعين السهم الثالث.
ولو كان الشركاء أربعة ما لم تخرج قرعة ثلاث منهم كان لكل واحد منهم الرجوع، وهو بناء على ما قلنا.
وفي «نوادر ابن رستم» : لو كانت القسمة من القاضي أو من قسامه، فليس لأحد الشركاء الرجوع وإن لم تخرج السهام أصلاً؛ لأن القاضي يجبرهم على ذلك فلا يلتفت إلى رجوع واحد منهم لا بعد خروج القرعة ولا قبل خروجها.
وإذا كان غنم بين قوم تشاحوا عليها قبل أن يقسموها، فأيهم خرج سهمه أولاً عدوا له، كذا الأول فالأول فهذا لا يجوز؛ لأن ذلك مجهول؛ لأنه لا يدري ما نصيب كل واحد منهم بعد الإقراع، فإنه لا يدري أي عشرة تعد له الجيد أو الوسط أو الرديء، فهذه حياله مفضية إلى المنازعة، فيفيد القسمة كما يفيد البيع.
وإن كان في الميراث إبل وبقر وغنم، فجعلوا الإبل قسماً والبقر قسماً والغنم قسماً ثم تشاحوا عليها وأقرعوا، فهذا جائز لأن ما يصيب كل واحد منهم بعد القرعة معلوم بخلاف الفصل الأول، فإن ما يصيب كل واحد بعد القرعة ثمة ليس بمعلوم.
وإذا كانت الدار بين رجلين فاقتسما على أن أخذ أحدهما الثلث من مؤخرها بجميع حقه، وأخذ الآخر الثلثين من مقدمها بجميع حقه فلكل واحد منهما أن يرجع عن ذلك ما لم تقع الحدود بينهما، ولا يعتبر رضاهما بما قالا قبل وقع الحدود؛ وهذا لأن الرضا بالقسمة إنما يعتبر وقت وجود القسمة وتمامها، كالرضا بالبيع يعتبر وقت وجود البيع وتمامه، وتمام القسمة بوقع الحدود والتعيين، إما بالنص أو بالإقراع؛ لأن الإقرار به يتحقق.
ذكر في «الأجناس» : القرعة ثلاث: الأولى لإثبات حق وإبطال حق آخر وإنها باطلة، كمن أعتق أحد عبديه بغير عينه، ثم تعين بالقرعة، والأخرى لطيبة النفس، وإنها جائزة كما يقرع بين النساء ليسافر بها، والثالث لإثبات حق واحد وفي مقابلة مسألة ليقر بها كل حق كالقسمة وهو جائز والله أعلم.
[الفصل السادس: في الخيار في القسمة]
الخيار نوعان: نوع يثبت بالشرط، ونوع يثبت بدون الشرط، والذي يثبت بدون الشرط نوعان: خيار الرؤية وخيار العيب، والقسمة نوعان: قسمة يوجبها الحكم، نعني بها: قسمة يجبر الآبي عليها، وقسمة لا يوجبها الحكم نعني: قسمة لا يجبر الآبي عليها.
وقد أورد محمد رحمه الله في «الأصل» لكل خيار باباً وبدأ بخيار الرؤية، فنحن