للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيخ الإسلام في شرح كتاب «الوديعة» بعد هذه المسألة بمسائل، فيما إذا كانت الوديعة شيئاً يحتمل القسمة إذا رضيا أن يكون المال عند أحدهما إلى أن يحضر صاحب المال جاز، ولم يذكر فيها خلافاً، وذكر أيضاً إذا كانت الوديعة شيئاً لا يحتمل القسمة، فإنهما يقسمان من حيث الرهان.

في «المنتقى» : رجلان أودعا عند رجل ألف درهم، فقال أحدهما للمودع: ادفع إلى شريكي مائة درهم، فدفعها وضاعت البقية قال: ما أخذ فهو من مال الآخذ حتى لا يرجع عليه شريكه بشيء، وكذلك إذا قال: ادفع إليه مئتين أو ما أشبه ذلك ما لم ينته إلى النصف، ولو قال: ادفع إليه النصف، فهو من الكل؛ حتى لو ضاع الباقي رجع عليه شريكه بنصف ما أخذ، ولو قال: ادفع إليه حصته، فدفع، فهو من حصته حتى لو هلك الباقي لا يرجع عليه شريكه بشيء، أما إذا قال: ادفع إليه مائة، أو ما أشبهها؛ فلأن المائة اسم المفروز المعين فقد أمره بإعطاء شيء مفرز إلى صاحبه، والمفرز ليس حق صاحبه، فيضمن الآمر به أمراً بإفراز نصيب صاحبه، وصاحبه لما أخذه، فقد رضي بذلك الإفراز فتم الإفراز فصار قابضاً حقه من كل وجه، فأما النصف، فهو اسم للشائع؛ لا اسم المفرز، فقد أمره بإعطاء النصف من النصيبين بشرط أن يسلم له النصف الباقي، ولم يسلم لما ضاع الباقي، فكان له أن يرجع عليه بنصفه.

وفيه أيضاً: رجلان بينهما ألف درهم وضعاها عند أحدهما، ثم قال أحدهما لصاحبه: خذ نصيبك منها، فأخذ، وضاع النصف الباقي، فالنصف الذي أخذ صاحبه يكون بينهما؛ قال: لأنه لا يكون مقاسماً لنفسه؛ قال: وإن كان ضاع النصف الذي أخذ سلم الباقي للشريك؛ قال: لأنه احتبس عند الأخذ مالية النصف على وجه لا يملك رده، فهو بمنزلة ما لو أكل النصف المأخوذ، وهناك يتعين النصف الباقي للشريك؛ كذا ههنا.

[الفصل التاسع في الاختلاف الواقع في الوديعة، والشهادة فيها]

في «المنتقى» بشر عن أبي يوسف: رجل ادعى قبل رجل وديعة، وجحده المودع، فأقام المدعي البينة على دعواه، وأقام المودع بينة على المدعي أنه قال: ما لي على فلان شيء، قال: إن كان مدعي الوديعة يدعي أن الوديعة قائمة بعينها عند المودع، فهذه البراءة لا تبطل حقه؛ لأنها ما دامت عنده، فليس له عليه إنما له عنده.

وفيه أيضاً: رجل قال: لفلان عندي ألف درهم وديعة، ثم قال بعد ذلك: قد ضاعت قبل إقراري، فهو ضامن، ولو قال: كان له عندي ألف درهم وضاعت، فالقول قوله، ولا ضمان، ولو قال: له عندي ألف درهم وديعة، فقد ضاعت، ووصل الكلام صدقته استحساناً، وصار تقدير هذه المسألة كانت له عندي ألف درهم وضاعت، إذا قال المودع: ذهبت الوديعة، ولا أدري (١٣٠أ٢) كيف ذهبت؛ كان القول قوله مع اليمين

<<  <  ج: ص:  >  >>