وكان بمنزلة ما لو اشترى حنطة مجازفة على أنها جيد وقبضها قبل أن يعلم بأنها جياد بأن كانت في الجوالق ويصرف فيها وهناك التصرف منه جائزاً ههنا.
وأما الكلام في العدديات: إذا اشترى من أخر عددياً بشرط العقد فهل يجب إعادة العد، لم يذكر محمد رحمه الله هذا الفصل في الكتب الظاهرة، قالوا: وقد ذكر الكرخي: أن على قول أبي حنيفة: يشترط إعادة العد لإباحة التصرفات إلحاقاً للعدديات بالكيليات والوزنيات، وعلى قولهما لا يشترط إلحاقاً بالذرعيات.
وفي «شرح القدوري» : وأما المعدودات فيجب إعادة العد فيها في رواية لا يجب، وصحح القدوري هذه الرواية؛ لأن العد في العدديات بمنزلة الذرع في المذروعات، ألا ترى أن الربا لا تجري بين العدديات كما لا يجب بين المذروعات، ثم في المذروعات لا يجب إعادة الذرع، فكذا في المعدودات لا يجب إعادة العد.
وفي «القدوري» : في باب بيع المبيع قبل القبض: إذا اشترى طعاماً مكايلة أو موازنة شراء فاسداً وقبض بغير كيل، ثم باعه وقبضه المشتري فالبيع الثاني جائز، وإنما يعتبر إعادة الكيل في البيعين الصحيحين؛ لأن المستحق القدر المذكور، ويتصور التفاوت بين المذكور والموجود فيعتبر إعادة الكيل لإزالة ذلك الوهم احتياطاً، وهذا المعنى لا يوجد في البيع الفاسد، فإن الملك في البيع الفاسد، إنما يثبت بالقبض فصار المملوك قدر المقبوض لا قدر المذكور في البيع، فلا يتصور التفاوت بين المستحق.
ولو اشترى طعاماً مكايلة بإناء بعينه، فالبيع فاسد في قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقد مر هذا، فإن كاله بذلك الإناء ورضي به المشتري بعد الكيل جاز، وقد مر هذا أيضاً من قبل، فإن باعه المشتري بعد ذلك قبل أن يعيد الكيل جاز؛ لأن هذا في معنى البيع مجازفة لا يحتاج إلى إعادة الكيل؛ لأن المستحق هو المشار إليه فلا يتصور فيه التفاوت.
وفي «المنتقى» : قال أبو يوسف: إذا كان الثمن شيئاً مما يكال أو يوزن بغير عينه فأخذه البائع بغير كيل وصدق المشتري في كيله ووزنه، فله أن ينتفع به قبل أن يكيله.
إذا كان الثمن ثياباً موصوفة مؤجلة، فليس له أن يبيعها منه قبل أن يقبضها، وقال في الصرف: ليس له أن يشتري بأخذ اليد شيئاً حتى يتوازنا، وإن تفرقا قبل الوزن في الصرف، وكل واحد منهما مصدق لصاحبه في الوزن فالبيع فاسد، وذكر في موضع آخر من هذا الكتاب: إذا كان كل واحد منهما مصدقاً لصاحبه في الوزن إن البيع جائز.
[الفصل الثامن: في بيان أحكام الشراء الفاسد والتصرف في المملوك بالعقد الفاسد]
البيع الفاسد منعقد عندنا والملك موقوف على وجود القبض، ويشترط أن يكون القبض بإذن البائع نص عليه القدوري في «كتابه» ، ولفظ القدوري وما قبضه بغير إذن البائع في البيع الفاسد فهو كما لم يقبض، قال ثمة: وهذه الرواية هي المشهور.