للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: ينبغي أن يأخذ القيمة إذا أخذ الغير كما في الذي إذا مر على العاشر بخمر، أو يأخذ عينه بحساب عمالته.

قلنا: الكلام فيما إذا قال المالك فهنا: لا أؤدي القيمة، وبدون اختيار المالك لا يكون للساعي ولاية أخذ القيمة إذا كان الغير محلاً للأخذ، فلو قال المالك: أنا أؤدي القيمة كان للساعي أن يأخذ عند أبي حنيفة.

وأما الأخذ بحساب العملة، قلنا: الكلام فيما إذا لم يرد الساعي أخذه بعمالة لنفسه، ولو أراد ذلك كان له حق الأخذ عند أبي حنيفة، وإذا مر الذمي على العاشر بخمر أو خنزير للتجارة عشر الخمر دون الخنزير عند علمائنا الثلاثة رحمهم الله، ومعنى قولهم: عشر الخمر أنه ينظر إلى قيمة الخمر، ويأخذ نصف عشر قيمتها، وطريق معرفة قيمة الخمر الرجوع إلى أهل الذمة، هكذا روي عن محمد رحمه الله.

والوجه فيه: أن العشر عوض الحماية، وحماية خمورهم دخلت تحت ولاية الإمام أما حماية خنازيرهم لم تدخل تحت حماية الإمام، وهذا لأن أصل ولاية الإنسان على نفسه، ثم تتعدى إلى غيره عند وجود سبب التعدي، والمسألة ولاية حماية خمور نفسه حتى إذا أسلم ذمي، وله خمور كان له أن يحفظها لتخليلها، أو يتخلل بنفسه، فتكون ولاية خمور غيره عند وجود سبب التعدي بالسلطنة، وليس للمسلم ولاية حماية خنازير نفسه، حتى إن الذمي إذا أسلم، وله خنازير، يجب عليه أن يسيبها، ولا يحل له أن يحفظها، فلا تكون له ولاية حفظ خنازير غيره عند وجود سبب التعدي، وإنما افترق الخمر والخنزير في حق ولاية الحماية في حق المسلم؛ لأن الخمر مال في الحال عندنا إن لم يكن متقوماً، ويصير متقوماً في الثاني.

والخنزير ليس بمال، ولا يصير متقوماً في الثاني، ولم يذكر محمد رحمه الله حكم جلود الميتة إذا مر بها الذمي على العاشر قالوا: وينبغي أن يكون للعاشر أن يعشرها؛ لأن جلد الميتة نظير الخمر، فإن للمسلم ولاية حفظ جلد الميتة على نفسه بالدباغة، فيدخل جلد غيره تحت حمايته عند وجود التعدي كما في الخمر، والله أعلم.

[الفصل السادس عشر في إيجاب الصدقة، وما يتصل به من الهدي وأشباهه]

قال محمد رحمه الله في «الجامع» : إذا نذر أن يتصدق بشاتين وسطين، فتصدق بشاة سمينة تعدل شاتين وسطين تجزئه عن الشاتين.

ولو قال: لله عليّ أن أهدي شاتين وسطين، فأهدى بشاة سمينة تساوي شاتين وسطين لم تجزه إلا عن شاة واحدة، هكذا ذكر في «الجامع» قالوا: هذا إذا أراد به الذبح أو لم يكن له نية؛ لأنه إذا أراد الذبح، أو لم يكن له نية كان النذر بالإراقة، والجواب في النذر بالإراقة ما ذكر، فأما إذا أراد الصدقة، فتصدق بشاة سمينة تعدل شاتين وسطين، ينبغي أن تجزئه عن الشاتين بدليل المسألة الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>