العدّة أو قبل ذلك بوجود الرضا من كلّ واحد ببطلان حقّه.
وإن تبرّع أجنبي باختلاعها من الزوج بمال ضمنته للزوج، وكان ذلك من الأجنبي في مرض الموت، فالخلع جائز والطلاق واقع، ويُعتبر بدل الخلع من ثلث مال الأجنبي؛ لأنَّ الخلع عندنا تبرع من المرأة مع أنّه يحصل لها بالخلع نوع فائدة، فَلأَنْ يُعَدُّ تبرعاً من الأجنبي أولى، وإن كان الزوج مريضاً (٢٦٦ب١) حين تبرّع الأجنبي باختلاعها فلها الميراث إن مات الزوج من مرضه ذلك وهي في العدّة؛ لأنها لم ترض بهذا الطلاق، فيعتبر الزّوج فارّاً، والله أعلم بالصواب.
[الفصل السابع عشر: في الأيمان في الطلاق]
هذا الفصل يشتمل على أنواع:
نوع في بيان معرفة اليمين بغير الله وبيان شرائط صحّته.
يجب أن تعلم بأنَّ اليمين بغير الله تعالى ذكر شرط وجزاء يحلف به عادة؛ لأنَّ اليمين بغير الله تعالى إنّما يعرف الجزاء، فإذا كان الجزاء ممّا لا يحلف به لم يكن هذا التعليق يميناً، وتعليق الجزاء بالشرط على الشرط الحقيقة وطريقه ما قلنا، والشرط يصحّ في الملك وفي غير الملك، والجزاء لا يصح إلا بالملك أو في أثره أو مضافاً إلى الملك، أو إلى أثره أو إلى سببه، وهذا لأنّ الشرط أمر حسّي، فصحته تكون بوجوده حسّاً، وأمّا الجزاء فأمر شرعي فصحته إنّما تكون بالشرائط التي اعتبرها الشرع للصحّة، والشرع اعتبر بصحته الجزاء الشرائط التي قلنا تحقيقاً بما هو المقصود من اليمين، وهو تقوي الحالف على تحصيل الشرط والامتناع عنه؛ لأنَّ الحالف إنّما يتقوّى على ذلك خوفاً لزوال الجزاء، والخوف إنّما يحصل إذا كان الجزاء غالب النزول عند الشرط، أو متيقن النزول عند الشرط، وعليه النزول عند الشرط لقيام الملك، أو أثره للحال وتيقّن النزول عند الشرط بالإضافة إلى الملك، أو إلى سبب الملك، ثمَّ الشرط إن كان متأخّراً عن الجزاء فالتعليق صحيح وإن لم يذكر حرف الفاء إذا لم يتخلّل بين الجزاء وبين الشرط سكوت.
ألا ترى أنَّ من قال لامرأته: أنتِ طالق إن دخلت الدّار، أو قال: لعبده أنت حرّ إن دخلت الدّار يتعلّق الطلاق بالدخول والعتاق بالدخول؟ وإن لم يذكر حرف الفاء لما لم يتخلل بينهما سكوت، وإن كان الشرط مقدّماً على الجزاء فإن كان الجزاء اسماً قائماً يتعلّق بالشرط إذا ذكر الجزاء بحرف الفاء؛ لأنّ الاستعمال بمثله ورد، قال الله تعالى:{إِن تُعَذّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(المائدة: ١١٨) حتّى إنَّ من قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنتِ طالق يتعلق الطلاق بالدخول.
ولو قال إن دخلت الدّار فأنتِ طالق يقع الطلاق للحال إلا إذا قال: عنيت به