المودع بلا تفصيل، إذا مات صاحب الوديعة، فالورثة خصماء المودع في دعوى الوديعة، ويجبر المودع على دفعها إلى الورثة.
فرق بين هذا وبين العبد إذا أودع، وغاب لا يكون للمولى أن يأخذ حتى يحضر العبد؛ إلا إذا علم أن الوديعة من أملاك المولى أو من أكساب العبد، وإذا قال رب الوديعة: أودعتك عبداً أو أمة، قال المودع: ما أودعتني إلا أمة، وقد هلكت، فأقام رب الوديعة على ما ادعى بينة ضمن المستودع قيمة العبد، قال شيخ الإسلام: إنما يقبل القاضي شهادتهم (١٣٠ب٢) ويقضي بقيمة العبد إذا وصفوا، ونعتوا للقاضي، والقاضي يعرف مقدار قيمة مثل ذلك العبد، وإن لم يعرف سأل المدعي حتى يقيم بينة على مقدار قيمة العبد، فأما إذا لم يصفوا العبد، وإنما شهدوا أنه أودعه عبداً، فالقاضي لا يقبل شهادتهم؛ لأنهم شهدوا لمجهول لا يمكن القضاء به، وعلى قياس ما ذكرنا في كتاب الغصب إن المدعي إذا أقام البينة أنه غصب منه جارية تقبل هذه البينة، ويثبت الغصب بها في حق الحبس؛ لا في حق القضاء بالجارية ينبغي أن تقبل هذه البينة، ويثبت الغصب في حق الحبس لا في حق القضاء بالعبد.
وإذا ادعى المودع الرد أو الهلاك، وادعى المالك الاستهلاك، فالقول قول المودع، وإن أقاما البينة، فالبينة أيضاً بينة المودع كبينته.
في «الجامع» : في باب من الاختلاف في المرابحة، ورأس المال؛ قال الصدر الشهيد رحمه الله: ويجوز أن لا تقبل البينة ههنا أصلاً، وسيظهر الفرق بين المسألتين بالتأمل إن شاء الله تعالى.
[الفصل العاشر في المتفرقات]
إذا هلكت الوديعة في يد المودع؛ يستوي فيه الهلاك بأمر يمكن الاحتراز عنه أولا يمكن التحرز؛ لأن الهلاك مما يمكن التحرز عنه يعني العيب في الحفظ وصفة السلامة عن العيب إنما يصير مستحقاً في المعاوضات دون التبرع، والمودع متبرع.
إذا كانت الوديعة دراهم، فاختلط بدراهم المودع على وجه تيسر التمييز لا يصير المخلوط مشتركاً بينهما، فإن اختلطت على وجه تعذر التمييز صار المخلوط مشتركاً بينهما، وإن خلطهما بعض من في عيال المودع، وكان الخلط على وجه تعذر التمييز أو كان الخلط على وجه يتعسر التميز بأن خلط حنطة الوديعة بشعير المودع صار الخالط ضامناً، وحكم المخلوط ما في كتاب الغصب، فإن لم يظفر بالخالط، فقال أحدهما آخذ المخلوط، وأغرم لصاحبي مثل ما كان له، فرضي به صاحبه جاز؛ لأن صاحبه لما رضي صار بائعاً نصيبه منه، وهو قادر على تسليمه، فيجوز بخلاف ما لو باع من غيره، وإن اتفقا على البيع يباع المخلوط، ويقسم الثمن بينهما على قدر قيمة الشعير والحنطة، إلا أن