ولو كان صلى ركعتين بإيماء، فلما رفع رأسه من السجود ظن أنه (في) الركعة الثانية، فنوى أن يكون قائماً، فقرأ {الحمد} وسورة ثم ذكر أنها الثالثة، قال: هذا يركع للثالثة ولا يقول التشهد الثانية؛ لأنه صار بالقراءة بمنزلة من قام.
ذكر هو في «المنتقى» أيضاً: رجل صلى الظهر بإيماء، فصلى ركعتين بغير قراءة ساهياً، ثم ظن أنه إنما صلى ركعة، فنوى القيام، فقرأ وركع وسجد، ثم علم أن هذه الثالثة وصلى الرابعة بقراءة أجزأته صلاته.
ولو كان قرأ في الأوليين، فلما رفع رأسه من السجدة الثانية في الركعة الرابعة ظن أنها الثالثة، فنوى القيام ومكث ساعة كذلك، ثم استيقن أنها الرابعة، فلم يحدث فيه في الجلوس حتى مكث كذلك مقدار التشهد لم تفسد عليه صلاته، وبه ختم.
[الفصل الخامس والثلاثون في المتفرقات]
رجل أسلم في دار الحرب، فمكث فيها شهراً ولم يعلم أن عليه صلاة، فليس عليه قضاؤها، وقال زفر رحمه الله عليه قضاؤها؛ لأن بقبول الإسلام صار ملتزماً أحكام الإسلام، ولكن قصر عنه خطاب الأداء لجهله له، وذلك غير مسقط للقضاء بعد تقرر السبب، كالنائم إذا انتبه بعد مضي وقت الصلاة.
حجتنا: أن ما يجب بخطاب الشرع لا يثبت حكمه في حق المخاطب قبل علمه به، ألا ترى أن أهل قباء افتتحوا الصلاة إلى بيت المقدس بعد فرضية التوجه إلى الكعبة، وجوز ذلك لهم رسول الله عليه السلام، لأنه لم يبلغهم التوجه للكعبة، وكذلك شرب بعض الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين الخمر بعد نزول آية التحريم قبل علمهم، وفيه نزل قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَءامَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}(المائدة: ٩٣) والمعنى فيه، وهو أن الخطاب بحسب الوسع وليس في وسع الآدمي الائتمار قبل العلم، فلو ثبت حكم الخطاب في حقه كان فيه من الحرج ما لا يخفى، ولهذا قلنا أن الحجر في حق المأذون والقول في حق الوكيل لا يثبت قبل العلم.
قال: والعلم الذي (يجب) به عليهم الصلاة أن يخبره بذلك رجلان عدلان أو رجل وامرأتان في دار الحرب أو في دار الإسلام.
وإن كان ذمياً أسلم في دار الإسلام، فعليه قضاؤها استحساناً. وقال أبو يوسف، ومحمد رحمهما الله: هما في القياس سواء، ولا قضاء عليهما حتى تلزمهما الحجة، وهو