للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول الحسن رحمه الله، ولكنا ندع القياس ونقول كما قال أبو حنيفة.

وجه القياس يأتينا أن الشرائع لا تلزمه إلا بالعلم والسماع، ولم يوجد، فلا يلزمه القضاء.

وجه الاستحسان: وهو أن الخطاب شائع في دار الإسلام، فيقوم شيوع الخطاب مقام العلم به؛ لأنه ليس في وسع المبلغ أن يبلغ كل واحد، إنما الذي في وسعه أن يجعل الخطاب شائعاً، ولأنه ما دام في دار الإسلام يسمع الأذان والإقامة، ويرى حضور الناس الجماعات في كل وقت، فإنما اشتبه عليه ما لا يشتبه ولأنه في دار الإسلام يجد من يسأل عنه، فترك السؤال منه تقصير بخلاف دار الحرب.

وعنه أيضاً: من أسلم ومكث سنين لا يعلم أن عليه صلاة أو زكاة أو صيام، وهو في دار الحرب أو في دار الإسلام، قال: ليس عليه قضاؤها معنى، قال: وإن أعلمه بذلك رجلان أو رجل وامرأتان ممن هو عدل، ثم فرط في ذلك كان عليه أن يقضي ما فرط فيه من وقت إعلامه، في دار الحرب كان، أو في دار الإسلام.

فإن بلغه في دار الحرب رجل واحد، فعليه القضاء فيما ترك عندهما، وهو إحدى الروايتين عند أبي حنيفة رحمه الله، وفي رواية الحسن عنه: لا يلزمه القضاء حتى يخبره رجلان عدلان مسلمان أو رجل وامرأتان، وهذا بناءً على أصل معروف، وهو أن خبر الواحد هل هو حجة ملزمة أم لا، عند أبي حنيفة: لا يكون حجة، وعندهما: يكون حجة، فالعدد ليس بشرط عندهما.

وأما العدالة هل هي شرط؟ عندها جواب «المبسوط» أنهما شرط عندهما، وروى الفقيه أبو جعفر رحمه الله في غريب الرواية أنها ليس بشرط عندهما، حتى إذا أخبره رجل فاسق أو صبي أو امرأة أو عبد، فإن الصلاة تلزمه، وموضع هذا كتاب الاستحسان.

وجه رواية الحسن: وهو أن هذا خبر ملزم، فيشترط فيه العدد كالحجر على المأذون وعزل الوكيل والإخبار بجناية العبد، ووجه الرواية الأخرى وهو قولهما وهو الأصح أن كل أحد مأمور من صاحب الشرع بالتبليغ، قال عليه السلام: «رحم الله امرءاً سمع منا مقالة فوعاها كما سمعها، ثم أداها إلى من لم يسمعها» فهذا المبلغ نظير الرسول من المولى والموكل، وخبر الرسول هناك يلزم فههنا كذلك.

وفي «المنتقى» : قال أبو يوسف رحمه الله: من أخبره من عبد أو صبي أو فاسق، فهو إعلام وعليه قضاء ما لم يصلِ بعد الإعلام، وعن أبي حنيفة رحمه الله: إذا أخبره بذلك أناس من أهل الذمة لم يكن عليه أن يقضي شيئاً مما مضى، وقال أبو يوسف: إذا لم يبلغه وهو في دار الحرب لم يقض وإن كان في دار الإسلام. قضى (١٢٧ب١) .

ذكر الحسن بن أبي مالك عن أبي يوسف رحمهم الله فيمن قال: لله عليّ أن أصلي

<<  <  ج: ص:  >  >>