ولو كان في دار رجل شجرة لا يجب في ذلك عشر، وإن كانت تلك البلدة عشرية، فرق بين هذا، وبين الثمار التي تكون في الجبل.
والفرق: أن نفقة داره ليست بعشرية، والجبل عشري، وما سقته السماء، أو سقي سيحاً، ففيه العشر، وما سقي بقرب أو دالية أو ساقية، ففيه نصف العشر به ورد «الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، والمعنى في التفاوت اختلاف قدر المؤنة وكثرتها.v
وإذا سقي في بعض السنة سيحاً وفي بعضها بماله، فالمعتبر هو الأغلب، وقد مر نظير هذا، في الصوم عن أسد بن عمر، وفي أرض نبتت فيها بزار عنب من غير معالجة أحد، فجمع منه رجل قال: إن كان في أرض عشرية، ففيه العشر، وإن كانت هذه الأرض ليست لأحد، ولم يعالجها أحد، فكذلك فيه العشر، وسئل الحسن عن ذلك، فقال: ليس عليه عشر إذا وجدها في أرض ليست لأحد. قال الفقيه أبو الليث: قول الحسن أحب إليّ.
[الفصل الثاني في بيان اعتبار النصاب لوجوب العشر]
وإنه مختلف فيه فأبو حنيفة رحمه الله: لا يعتبر النصاب، بل يوجب العشر في كل قليل وكثير أخرجته الأرض مما تستنمى به الأرض، ومما اعتبر النصاب قالا: لا يجب العشر حتى يبلغ الخارج خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً، فخمسة الأوسق تكون ثلثمائة أصوع، فما لم يبلغ الخارج ثلثمائة أصوع لا يجب فيه العشر، وإنما اعتبر النصاب لإيجاب العشر؛ لأن هذ نوع زكاة فيعتبر ههنا النصاب قياساً على الزكاة المعهودة، ويؤيده قوله عليه السلام «فيما دون خمسة أوسق صدقة» .
ولأبي حنيفة رحمه الله: العمومات الواردة في هذا الباب من غير فصل فيما إذا قل الخارج أو كثر، والحديث الذي روينا محمول على الزكاة؛ لأنها هي الصدقة المطلقة، وإنما قدراه بالأوسق إما اتباعاً للحديث؛ أو لأنهم كانوا يتبايعون بالأوسق وإنما قدرناه بالخمسة؛ لأن ما دون الخمسة الأوسق كان لا يبلغ مائتي درهم في ذلك الزمان، والتقدير بالأوسق عندهما فيما يدخل تحت الوسق، ويكال به كالحنطة، والشعير، والذرة، وأشباهها، فأما ما لا يدخل تحت الوسق، ولا يكال به كالقطن، والزعفران، والفانيد، والسكر، والعسل وأشباهها، فعند أبي يوسف: تعتبر القيمة.