للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليوم الذي يقدم فيه فلان شكراً لله تعالى تطوعاً لقدومه، وأراد اليمين، فصامه عن كفارة يمين، ثم قدم فلان في ذلك اليوم بعد ارتفاع النهار، فعليه القضاء والكفارة.

ولو قدم في يوم من رمضان، فعليه الكفارة، ولا قضاء عليه، أما الفصل الأول فإنما لزمه القضاء؛ لأنه التزم الصوم للقدوم، وصامه عن الكفارة، وهي غير متعينة فيه، فكان عليه القضاء، وعليه الكفارة؛ لأنه حنث في يمينه؛ لأنه لم يحلف على الصوم المطلق إنما حلف على الصوم عن القدوم، وقد صام عن غيره فحنث.

وأما الفصل الثاني: فإنما لا يلزمه القضاء؛ لأن الزمان متعين لرمضان، فلا يصح إلحاقه بغيره، وإنما لزمه الكفارة؛ لأنه لم يصم لما حلف عليه.

إذا نذر أن يصوم يوم كذا ما عاش، ثم كبر، وضعف عن الصوم يطعم مكان كل يوم مسكيناً، وإن لم يقدر لعسرته يستغفر الله تعالى، فإن ضعف عن الصوم في ذلك اليوم لمكان الصيف كان له أن يفطر، وينتظر حتى إذا كان في الشتاء صام يوماً مكانه؛ لأنه لو سافر في ذلك اليوم يفطر، ويصوم مكانه فكذا ههنا؛ لأن المرض والسفر كلاهما سبب العذر، ومن جنس هذه المسألة إذا قال: لله عليّ أن أصوم أبداً، فضعف عن الصوم لاشتغاله بالمعيشة كان له أن يفطر؛ لأنه لو لم يفطر يقع الخلل في جميع الفرائض، ويطعم كل يوم نصف صاع من الحنطة؛ لأنه متيقن أنه لا يقدر على قضائه أبداً.

[الفصل الثاني عشر في الاعتكاف]

قال علماؤنا رحمهم الله: الاعتكاف سنة مشروعة، وهو ضربان:

تطوع: وهو أن يشرع. وواجب: وهو أن يوجبه على نفسه وجوازه، قال القدوري: ولا يصح الاعتكاف إلا في مسجد الجماعات، وروي عن أبي حنيفة أنه لا يصح إلا في مسجد تصلى فيه الصلوات الخمس، قيل: أراد أبو حنيفة رحمه الله غير المسجد الجامع، فإن هناك يجوز الاعتكاف، وإن لم يصلوا فيه الصلوات كلها بجماعة.

وفي «المنتقى» : عن أبي يوسف: أن الاعتكاف الواجب لا يجوز أداؤه في غير مسجد الجماعة، وغير الواجب يجوز أداؤه في غير مسجد الجماعة، والأفضل اعتكاف الرجل في الجامع إذا كان ثمة قوم يصلون بجماعة، وإن لم يكن، فاعتكافه بالمسجد أفضل، والأفضل في حق المرأة الاعتكاف في مسجد بيتها يريد به الموضع المعد للصلاة، ولو خرجت واعتكفت في مسجد الجماعة جاز اعتكافها.

والصوم شرط لصحة الاعتكاف الواجب، واختلفت روايات في النفل، وروى الحسن عن أبي حنيفة الصوم شرط لصحته، وفي ظاهر الرواية ليس بشرط، وهو قول أبي يوسف ومحمد، ولا يخرج المعتكف من معتكفه ليلاً ولا نهاراً إلا بعذر، وإن خرج من غير عذر ساعة فسد اعتكافه في قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف (١٦٥ب١) ومحمد: لا يفسد حتى يكون أكثر من نصف يوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>