ولو قال: على أن لي (أن) أحرم من شئت منهم، فهو كما قال، وله أن يحرم من شاء منهم. ولو حرم الكل لا يعمل تحريمه قياساً (حصته) لكلمة (من) . وفي الاستحسان: يعمل كما مر. وقيل: هو قياس قول أبي يوسف ومحمد كما ذكرنا من مسألة «الجامع» ، وإذا عمل تحريم الكل استحساناً كان الغلة للفقراء؛ لأن قوله: صدقة موقوفة يقتضي أن يكون للفقراء. ولو قال: حرمتهم سنة يكون تلك السنة للفقراء، ثم بعدها يكون لهم.
ولو قال: حرمت فلاناً أو فلاناً فالبيان إليه، وإذا مات لا يكون البيان إلى الورثة. قال هلال: ولا يشبه هذا الوصية، يريد به إذا أوصى بثلث ماله لفلان أو فلان ومات الموصي كان البيان للورثة. قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله: مسألة الوصية على الخلاف: روي عن أبي حنيفة أن الوصية باطلة؛ لأن الموصى له مجهول، وعن أبي يوسف أن الوصية لهما لأنه ليس أحدهما بأولى من الآخر، وبهذا الطريق قلنا: إن من أعتق أحد عبديه ومات قبل البيان شاع العتق فيهما. وعند محمد: الوصية صحيحة، والبيان للورثة. وفرق محمد بين الوصية وبين الوقف. والفرق: أن الوقف يزول عن ملك الواقف بنفس الايقاف، فحين مات لم يكن الوقف على ملكه ليخلفه وارثه في الملك، ثم ثبت له البيان بناء عليه.
إذا قال: أرضي هذه صدقة موقوفة لله تعالى أبداً على زيد وعمرو ما عاشا، ومن بعدهما على المساكين على أن يبدأ بزيد، فيعطى من غلته في كل سنة ألف درهم، ويعطى عمرو قوته لسنة، فهو جائز على ما قال، فإن فضل بعد ذلك من الغلة شيء كان بينهما، وإن لم تكن غلته لسنة إلا ألف درهم يعطي ذلك زيداً، إذا كان أقل من ألف، فذلك كلها لزيد، فإن مات زيد ثم جاءت غلة سنة يعطى عمرو قوته لسنة، فإن كان الغلة ثلاثة آلاف درهم، وقوت عمرو لسنة ألف درهم وقع إليه ألف درهم، ويكون له تمام نصف الغلة، وذلك خمسمائة (والباقي) للمساكين، فإن لم يمت زيد، ومات عمرو أعطي زيدٌ ألف درهم الذي سمي له وتمام نصف الغلة، ويكون الباقي للمساكين.
ولو قال: أرضي هذه صدقة موقوفة على زيد وخالد وعمرو، يبدأ بزيد فيكون غلة هذه الصدقة له أبداً ما عاش، ثم لعمرو فيكون غلة هذه الصدقة له أبداً ما عاش ينفد ذلك على ما ذكر من تقديم بعضهم، فإذا انقرضوا كانت الغلة للفقراء والله أعلم.
[الفصل الخامس: الإقرار بالوقف]
رجل في يده أرض، أقر في صحته أنها صدقة موقوفة، ولم يزد على ذلك جاز إقراره وهو وقف. ويجب أن يعلم بأن قول من الأرض في يده: هذه الأرض وقف إقرار بالوقف، وليس بابتداء وقف، حتى لا يشترط له شرائط الوقف، وهذا لأن قوله: أرضي