يقوم مقام الميت فيما يجب له وعليه، كأنه ليس معه غيره، إلا أنه إذا ادعى على الميت شيئاً، فأقام المدعي البينة على واحد من الورثة ثبت دينه في حق الكل كأنه قام على الميت.
وكذلك لو ادعى أحد الورثة ديناً للميت على إنسان وأقام البينة، فإنه يثبت الدين في حق الجميع، فدل أن كل واحد من الورثة يقوم مقام الميت فيما يجب له وعليه، وكأنه ليس معه غيره، وإذا قام مقام الميت صار خصومة الوارث الواحد بمنزلة خصومة الميت، ولو كان الميت حياً وخاصم كان يرد العبد في الرق، فكذلك هذا.
فأما أحد الشريكين لا يقوم مقام صاحبه فيما يجب له وعليه فلم (يكن) نائباً عن صاحبه في الفسخ، وفسخ الغير عقد الغير لا يصح وهو غائب إذا لم ينزعه نائب في الفسخ.
قال: فلا يرده الوارث إلا بقضاء القاضي؛ لان الميت لو كان حياً وأراد أن يرده في الرق كان لا يرده في الرق إلا بقضاء القاضي في إحدى الرواتيين، فكذلك الوارث.
فإن كان المكاتب هو الميت وترك ولدين، ولداً في المكاتبة لم يستطع المولى أن يرد واحداً منهما في الرق والآخر غائب، وذلك لأن المكاتب لما مات وجب عليهما بدل الكتابة معاً، وتعلق عتق كل واحد منهما بأداء جميع الكتابة، فصاربمنزلة عبدين كاتبهما المولى كتابة واحدة وهناك لا يرد أحدهما في الرق دون الآخر؛ لأن أحدهما لا يتحقق بدون الآخر، فكذا هذا، والله أعلم.
[الفصل الخامس فيما يملكه المكاتب، وما لا يملكه]
قال محمد رحمه الله: مكاتب كاتب عبداً له من أكسابه فهو جائز، وهذا استحسان أخذ به علماؤنا رحمهم الله، والقياس أن لا يجوز، وهو قول الشافعي رحمه الله.
القياس: أن الكتابة تعليق العتق بأداء المال في الحال، وإعتاق في الثاني متى أدى، وأي الأمرين ما اعتبرنا لا يملكه المكاتب، فإنه إذا قال لعبده: إذا أديب إليَّ ألفاً فأنت حر، أو أعتق عبده على مال لا يصح.
وجه الاستحسان: أن المكاتب بالكتابة استفاد حرية اليد للحال، ولهذا صار أحق بمكاتبه وحرية الرقبة في الثاني عند الأداء، فيملك إثباته لغيره، ألا ترى أن العبد المأذون يملك إذن عبده في التجارة، وألا ترى أن الحر يملك إيجاب الحرية لعبده؛ لأن حقيقة الحرية ثابتة له للحال بخلاف العتق على مال لأنه لإيجاب حقيقة العتق للحال، وهو غير ثابت للمكاتب للحال، فلا يملك إثباته لغيره.
وبخلاف مالو قال لعبده: إن أديت إليَّ ألفاً؛ لأنه تعليق عتق بالشرط مقصوداً، وهذا غير ثابت للمكاتب مقصوداً، وإنما يثبت له ضمناً لثبوت ملك الحجر عن الاكتساب