وثمرة الاختلاف تظهر في الحائض إذا طهرت في آخر الوقت، والصبي يبلغ والكافر يسلم، والمجنون، والمغمى عليه سيان، والمسافر إذا نوى الإقامة والمقيم إذا سافر فعلى قول أكثر أصحابنا رحمهم الله: يجب، ويتعين الفرض إذا بقي من الوقت مقدار ما توجد فيه التحريمة، وعند زفر رحمه الله: ومن تابعه من أصحابنا لا يجب ولا يتعين الفرض إلا إذا أدرك من الوقت ما يمكن الأداء فيه؛ لأن الخطأ والأداء، فلا بد من تصور الأداء؛ ولأنه إذا بقي من الوقت مقدار ما يمكن الأداء لم يكن مخيراً بين الإيجاد والترك، بل لزمه الإيجاد بل أثم، وهذا دليل على تعلق الوجوب به.
وجه قول أصحابنا رحمهم الله: أن الوقت لما تعين سبباً للوجوب في الذمة، ثم الخروج عن عهدة ما وجب به يكون بالأداء، وقد يكون بالقضاء كالطهر في حق الحائض سبب للوجوب في ذمتها، والخروج عن القضاء دون الأداء ومتى كان الوقت معتبراً للوجوب في الذمة، ولا يعتبر الوقت الذي يمكن الأداء فيه لا محالة.
قال: وإذا اعترضت هذه العوارض في آخر الوقت سقط الفرض بالإجماع أما على قول أبي الحسن وأكثر أصحابنا رحمهم الله؛ فلأن الوجوب يتعلق بآخر الوقت، وهذه العوارض مانعة من الوجوب.
وأما على قول زفر رحمه الله: فلأن التكليف زال في البعض فيزول في الكل، ولو أن غلاماً صلى العشاء ونام واحتلم في منامه، ولم يستيقظ حتى طلع الفجر، فعليه قضاء العشاء إجماعاً، وهذه واقعة محمد سأل عنها أبا حنيفة رحمهما الله، فأجابه بما قلنا، فأعاد العشاء.
[الفصل العشرون في قضاء الفائتة]
يجب أن تعلم بأن الترتيب في الصلوات المكتوبة فرض عندنا، وقال الشافعي رحمه الله: سنة.
حجته في ذلك: أن كل واحد من الفرضين أصل بنفسه؛ فلأن يكون أداء أحدهما شرطاً لجواز الآخر، ولهذا سقط الترتيب عند النسيان، وضيق الوقت، وكثرة الفوائت، وشرائط الصلاة لا تسقط بعذر النسيان وضيق الوقت كالطهارة واستقبال القبلة، وأما ما روى ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي عليه السلام قال: «من نام عن الصلاة أو نسيها فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فليصل التي هو فيها ثم ليصل التي ذكرها ثم ليعد التي صلى مع الإمام» فهذا دليل على فرضية الترتيب، وبهذا الحديث أخذ أبو يوسف