للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المال لا يقع على الدانق بدليل أنه إذا حلف، وقال بالله مالي مال وله دون الدرهم لا يحنث في يمينه فكذلك لا يقطع الصلاة لأجله.

قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: هذا قول حسن لولا ما ذكر في كتاب الحوالة والكفالة أن للطالب أن يحبس غريمه بالدانق فما فوقه، فلما جاز حبس مسلم بالدانق، فلأن يجوز قطع صلاة يمكنه قضاءها بالدوانق أولى.

قال الشيخ الإمام الأجل شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده رحمه الله: هذا إذا كان المال مال غيره فأما إذا كان المال ماله فإنه لا يقطع الصلاة ولا فصل في ظاهر الرواية، وهو الصحيح لما بينا والله تعالى أعلم بالصواب.

[الفصل الخامس والعشرون في صلاة الجمعة]

هذا الفصل مشتمل على أنواع:

الأولفي تبيين فرضية الجمعة، وفي بيان أصل الفرض يوم الجمعة

فنقول: صلاة الجمعة فريضة بالكتاب والسنّة، وإجماع الأمة، ونوع من المعنى.

أما الكتاب قوله تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُواْ الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (الجمعة: ٩) والمراد من الذكر المذكور في الآية هو الخطبة بإجماع أهل التفسير؛ لأنه ليس بعد الأذان ذكر الله تعالى إلا الخطبة، فالاستدلال بالآية من وجهين:

أحدهما: أن الله تعالى أمر بالسعي إلى الخطبة، والأمر للوجوب، وإذا وجب السعي إلى الخطبة التي هي شرط جواز الصلاة، فإن أصل الصلاة أوجب.

والثاني: أن الله تعالى أمر بترك البيع المباح بعد النداء وتحريم المباح لا يكون إلا لأمر واجب.

وأما السنّة حديث جابر رضي الله عنه قال خطبنا رسول الله عليه السلام يوم الجمعة فقال في خطبته: «أيها الناس توبوا إلى ربكم قبل أن تموتوا وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشغلوا» إلى أن قال: «واعلموا أن الله تعالى فرض عليكم الجمعة في يومي هذا في شهري هذا في مقامي هذا فريضة واجبة في حياتي وبعد مماتي إلى يوم القيامة فمن تركها عن غير عذر تهاوناً واستخفافاً وله إمام جائر أو عادل ألا فلا بارك الله له ألا فلا جمع الله شمله ألا فلا صلاة له ألا فلا زكاة له ألا فلا صوم له ألا فلا حج له إلا أن يتوب فمن تاب تاب الله عليه» ، وروي عن النبي عليه السلام أيضاً أنه قال: «من ترك

<<  <  ج: ص:  >  >>