فهو ضامن الوديعة، وإن لم يشهد الشهود أن الصبي أدرك، وهي في يده، ولو مات الصبي بعد البلوغ، ولا يدرى في أي حال هلكت الوديعة لا يقضى بوجوب الضمان، وكذلك في المعتوه إذا كان مأذوناً في التجارة.
ولو أن عبداً محجوراً عليه أودعه رجل، ثم أعتقه المولى، ثم مات ولم يبين الوديعة، فالوديعة دين في ماله، وإن مات وهو عبد فلا شيء على مولاه إلا أن يعرف الوديعة بعينها، فيرد على صاحبها، وإن أذن المولى في التجارة بعدما استودع، ثم مات، فلا ضمان إلا أن يشهد الشهود أنها كانت في يده بعد الإذن، فإذا شهد الشهود بذلك ثم مات وترك مالاً فالوديعة في ذلك المال.
في «المنتقى» : رجل أودع رجلاً بطيخاً أو عنباً وغاب، ثم مات المستودع، ثم قدم المودع بعد مدة يعلم أن تلك الوديعة لا تبقى إلى تلك المدة، فهي دين في مال الميت؛ لأنه لا يعلم باستيفائها بعد الميت، وهذا بناء على ما قلنا إن تجهيل الوديعة عند الموت سبب للضمان.
[الفصل السادس في طلب الوديعة، والأمر بالدفع إلى الغير]
في «فتاوى الفضلي» : إذا طلب صاحب الوديعة الوديعة، فقال المودع: اطلبها غداً، فلما كان من الغد قال المودع: ضاعت الوديعة، فالقاضي يسأله عن وقت الضياع متى ضاعت قبل قولك: اطلبها غداً، أو بعد ذلك؟ إن قال: قبل ذلك، فهو ضامن؛ لأنه متناقض؛ لأن قوله اطلبها غداً إقرار منه أنه ما ضاع، فإذا قال بعد ذلك: قد كان ضاعت قبل ذلك صار متناقضاً، وإن قال: بعد ذلك فلا ضمان؛ لأنه لا تناقض.
في «مجموع النوازل» : إذا جاء المودع إلى المودع يريد استرداد الوديعة، فقال المودع: لا يمكنني أن أحضرها هذه الساعة، فتركها ورجع فهذا ابتداء إيداع، قال ثمة: لما طلب رد الوديعة فقد عزله عن الحفظ، فخرج من أن يكون مودعاً، وبالترك عنده بعد ذلك صار مودعاً ابتداءاً.
وفيه أيضاً: إذا قال رب الوديعة للمودع: احمل إليَّ الوديعة اليوم، فقال: أفعل ولم يحملها إليه حتى مضى اليوم، وهلكت عنده بعد ذلك، فلا ضمان؛ لأنه لا يجب على المودع نقل الوديعة إلى صاحبها؛ بل مؤنة الرد على رب الوديعة.
وفيه أيضاً: سئل شيخ الإسلام عمن قال لمودعه: إذا جاءك أخي، فادفع إليه وديعتي التي عندك، فجاء أخوه، وطلب الوديعة، فقال المودع: عدْ إليَّ بعد ساعة لأدفعها، فلما عاد إليه قال: إنه قد كان هلك؛ يعني قبل مقالتي: عد إليَّ بعد ساعة، فهو ضامن لمكان التناقض، وهذه المسألة قريبة من المسألة المذكورة في أول هذا الفصل.
وفي «النوازل» : قال صاحب الوديعة للمودع في السر: من أخبرك بعلامة كذا،