الذي في يد هذا المدعى عليه اشتريته من فلان، وفي يد هذا المدعى عليه بغير حق، فواجب عليه تسليمه إليّ، فاستفتوا عن صحة هذا الدعوى، فقيل: إنها فاسدة من وجهين:
أحدهما: أنه ذكر الشراء من فلان، ولم يذكروا نقد الثمن، وقد كتبنا في هذا الكتاب أن المشتري إذا وجد المشترى في يد غيره، ولم يكن نقد الثمن للبائع لا يكون له ولاية الاسترداد والاستخراج من يد ذي اليد، وأكدنا ذلك بمسألة «المنتقى» .
والثاني: أن في دعوى الملك بسبب الشراء لا بد للمدعي أن يقول: باع مني وهو يملكه، أو يذكر التسليم، أو يقول: ملكي اشتريته من فلان، ولم يوجد شيء من ذلك، والحاصل أن ذكر الملك من أحد الجانبين كافٍ لصحة الدعوى بطريق الشراء.
[محضر فيه دعوى رجل بقية صداق بنته على زوجها بسبب دعوى الطلاق عليها وجهته بالحلف]
وكان صورة الدعوى: كان لفلان بن فلان على ختني كذا ديناراً بسبب كذا، فقضى من ذلك كذا، وبقي عليه كذا، وكان في يد صاحب الدين خط إقرار ختني لهذا بالمال، فطعن المقر بذلك ومزقه، ثم أخذه الغريم يوماً، وطالبه بالباقي من المال، فأنكر فاستحلفه بالطلاق، فحلف بثلاث تطليقات إنه ليس عليه شيء، فهدده وحبسه، فأقر ببقية المال الذي كان عليه، وأعطاه خطاً بذلك.
وهكذا أقر المدعى عليه بالحلف، وببدل الخط، والإقرار ببقية ماله الذي كان له عليه، فأخبر بذلك امرأته وصهره، ورفعوا الأمر إلى القاضي، فادعى صهره بوكالة بنته بقية مهرها بوقوع الطلاق بسبب الحلف المذكور فيه، فأنكر الرجل الحلف والإقرار بعد ذلك، فأتى المدعي بالشهود، فشهدوا بهذا اللفظ: أن الزوج أقر أني حلفت بثلاث تطليقات أنه ليس لفلان عليَّ كذا، وهو ما كان يدعي علي من بقية الدين، ثم بدل له خطاً بكذا، فاستفتوا بصحة هذه الدعوى (٢٧٢أ٤) وموافقة الشهادة الدعوى، فقيل: إن هذه الشهادة غير موافقة لهذه الدعوى؛ لأن في الدعوى ذكر أنه أقر بعد الحلف ببقية المال الذي كان له عليه، وبدل له الخط بذلك، وفي الشهادة شهد الشهود أنه أقر أنه بدل الخط بعد الحلف بكذا، ولم يشهدوا أنه بدل الخط بالمال الذي كان له عليه، وعسى بدل له خط الصلح، وذلك لا يكون إقراراً أصلاً، وإن بدل خط الإقرار، وأشهد بمال آخر لا بذلك المال، فلا يوجب هذا حنثاً في يمينه، فكانت هذه الشهادة مخالفة للدعوى من هذا الوجه، ولأنه يكره في هذا الإقرار، والإقرار مكرهاً لا يجب به المال، فلا يقع الحنث، فهذا خلل ظاهر في هذا المقام.
[محضر فيه دعوى استئجار الطاحونة]
وكان في ذكر الحدود، الحد الأول: مصرف ماء النهر، والحد الثاني: مصب ماء النهر من الوادي، فرد المحضر بعلة أن هذا حد النهر لا حد الطاحونة، والدعوى وقع في الطاحونة وحدها، ولو وقع الدعوى في الطاحونة، والنهر، فما ذكروا يصلح حداً للنهر.