صورته: حضر وأحضر، فادعى هذا الذي حضر على هذا الذي أحضره معه ألف دينار قيمة عين استهلكه من أعيان أمواله بسمرقند، ورد المحضر بوجوه:
أحدها: أنه لم يبين المستهلك، ولا بد من بيانه؛ لأن من الأعيان ما يكون مضموناً بالقيمة عند الاستهلاك، ومنها ما يكون مضموناً بالمثل، ولعل هذا العين مضمون بالمثل، فكيف تستقيم دعوى القيمة مطلقاً؟ ولأن من أصل أبي حنيفة رحمه الله أن حق المالك لا ينقطع عن العين بنفس الاستهلاك، ولهذا جوز الصلح عن المغصوب المستهلك على أكثر من قيمته، وإنما ينتقل حقه عن العين، وينتقل إلى القيمة بقضاء القاضي وبتراضيهما، فقبل ذلك يكون حقه في العين، فتكون الدعوى واقعاً في العين، فلا بد من بيانه؛ ولأنه لم يذكر أن هذا المقدار قيمة هذا العين المستهلك بسمرقند أو ببخارى، فإن قيمة الأعيان تختلف باختلاف البلدان، والمعتبر قيمة المستهلك في مكان الاستهلاك، فلا بد من بيان ذلك.
[محضر فيه دعوى الحنطة]
صورته: ادعى هذا الذي حضر على هذا الذي أحضر ألف منّ من الحنطة قبضاً موجباً للرد، وبين أوصاف الحنطة، قال: وهكذا كان أفراح هذا الذي أحضر معه في حال جواز إقراره بقبض الحنطة الموصوفة، فإنه قال لهذا الذي حضر بالفارسية: ترا هزاد من كندن آبي بكيزة ميانه سرخه تيرما هي بوزن أهل بخارى با منست إقراراً صحيحاً صدقه هذا الذي حضر فيه خطاباً، وقد توفي فلان قبل أن يرد شيئاً من هذه الحنطة مجهلاً غير معين لهذه الحنطة المذكورة فيه، وصارت هذه الحنطة المذكورة مضمونة لهذا الذي حضر في تركته، وخلف من الورثة أخاً له هذا، وخلف من التركة في يد هذا الذي أحضره أموالاً، منها ألف منّ من الحنطة بالأوصاف المذكورة، فواجب على هذا الذي أحضره معه أداء مثل هذه المذكورة فيه من هذه الحنطة المتروكة المذكورة فيه، وشهد الشهود على إقرار المدعى عليه بذلك، فرد المحضر بوجوه ثلاثة:
أحدها: أنه ادعى أولاً أنه قبض من ماله قبضاً موجباً للرد، والقبض المطلق خصوصاً نصفه كونه موجباً للرد يتصرف إلى الغصب، وكذلك الأخذ المطلق، ثم قال: وهكذا أقر فإنه قال بالفارسية كذا وكذا على نحو ماكتب، وليس إقرار المدعى عليه كما ادعاه المدعي فإنه قال: ترابا منست، وهذا منه إقرار بالوديعة، فشهادتهم تكون بالوديعة، فلم تكن الشهادة موافقة للدعوى المذكورة.
والثاني: ادعى عليه الحنطة بالمنّ والوزن في مثل هذه الصورة.
والثالث: أنه قال: فواجب عليه أداء مثل هذه الحنطة المذكورة فيه من التركة.
ولا يجب على الوارث أداء الدين من غير التركة لا محالة، بل الوارث بالخيار، إن شاء أدى الدين من التركة، وإن شاء أدى الدين من مال نفسه، وإنما يشترط قيام التركة في