للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي «فتاوى النسفي» : رحمه الله: إذا شهد الشهود على رجل أنَّ امرأته هذه محرّمة عليه بثلاث تطليقات، أو قالوا: حرام عليه بثلاث تطليقات ولم يقولوا: طلّقها ثلاثاً، قال: في الشهادة قصور، ولا بدّ من إضافة الطلاق إليه، وقال: لا قصور في الشهادة ولا حاجة إلى إضافة الطلاق إليه، وقال: لا، وهو الأشبه والأصوب.

وفيه أيضاً: إذا شهد شاهدان على رجل أنّه حلف بالطلاق أن لا يفعل كذا، وقد فعل وحنث في يمينه، فقيل: ينبغي أن لا تقبل الشهادة بدون لفظ اليمين؛ لأنّ الشاهد قد يظنّ الحنث في اليمين ولا حنث فيه.

وفيه أيضاً: إذا شهد الشهود أنَّ هذه المرأة حرام على زوجها هذا لا تقبل شهادتهم؛ لأنّ الحرمة أنواع، حرمة بالإيلاء، وحرمة بالظهار، وحرمة بالطلاق، وأحكامه مختلفة، فلا بدّ من البيان، والله أعلم بالصواب.

[الفصل العشرون: في طلاق المريض]

إذا طلّق المريض امرأته طلاقاً رجعيّاً ورثت ما دامت في العدّة، ولو طلّقها طلاقاً بائناً أو ثلاثاً ثمَّ مات وهي في العدّة، فلو طلّقها فكذلك عندنا ترث، ولو انقضت عدّتها ثمَّ مات لم ترث.

والحاصل: أنّ الزوج بالطلاق في حالة المرض قصد إبطال حقّها؛ لأنّه قصد إبطال الزوجيّة، والزوجيّة من الوجه الذي هي متعلّق الإرث حقّها، فيرد عليه إبطاله، وذلك بإبقاء الزوجيّة من الوجه الذي هي متعلّق الإرث ما دام في إمكان الإبقاء ثابتاً، وما دامت العدّة باقية الإمكان ثابت؛ لأنّ الشرع ورد بتأخير عمل الطلاق إلى وقت انقضاء العدّة في كثير من الأحكام، فكذا في حقّ هذا الحكم، أمّا بعد انقضاء العدّة فالإمكان غير ثابت؛ لأنّ الشرع لم يرد بتأخير عمل الطلاق بعد انقضاء العدّة في حق حكم ما يعمل الطلاق عمله، وارتفع النكاح من كلّ وجه، فلهذا لا ترث، وهذا إذا طلقها من غير سؤالها.

فأمّا إذا طلّقها بسؤالها فلا ميراث لها. وكذلك إذا وقعت الفرقة بمعنى من قبلها فلا ميراث لها؛ لأنّا إنّما أبقينا النكاح في حقّ الإرث مع وجوب القاطع ديانة لحقّها، وقد رضيت ببطلان حقّها بسؤالها الطلاق وبّما يسرته بسبب الفرقة، فعمل القاطع عمله، وعن هذا قلنا: إنَّ امرأة العنين إذا (٢٧٧ب١) اختارت نفسها في مرض الزوج فلا ميراث لها، وإذا جامعها ابن المريض مكرهة لم ترث؛ لأنّ الفرقة غير مضافة إلى الزوج، وبقاء الإرث بعد الفرقة بسبب الفرار، وذلك عند إضافة الفعل إليه، فإذا لم يوجد لا يبقى الميراث.

قال في «الأصل» : إلا أن يكون الأب أمر الابن بذلك ونقل فعل الابن إلى الأب في حقّ الفرقة، كأنّه باشر بنفسه فيصير فارّاً. وفي «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: إذا قالت

<<  <  ج: ص:  >  >>