للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا ارتدت المرأة ولحقت بدار الحرب لم يقع طلاق الزوج عليها، فإن عادت قبل الحيض لم يقع طلاق الزوج عليها عند أبي حنيفة رحمه الله؛ لأن العدة قد سقطت عليها عنده لفوات المحلية؛ لأن من كان في دار الحرب فهو كالميت في حقنا، وبقاء الشيء في غير محله مستحيل، والعدة متى سقطت لا تعود إلا بعود سببها بخلاف الفصل الأول؛ لأن هناك العدة باقية ببقاء محلها؛ لأنها في دار الإسلام إلا أن تباين الدارين كان مانعاً وقوع الطلاق، فإذا ارتفع المانع والعدة باقية وقع. وقال أبو يوسف رحمه الله: يقع الطلاق؛ لأن العدة باقية عنده إلا أنه لم يقع الطلاق لتباين الدارين، والتقريب ما ذكرنا والله أعلم.

[الفصل السادس: في إيقاع الطلاق بالكتابات]

يجب أن يعلم بأن الكتابة نوعان: مرسومة وغير مرسومة.

فالمرسومة: أن تكتب على صحيفة مصدراً ومعنوناً وإنها على وجهين:

الأول: أن تكتب هذا كتاب فلان بن فلان إلى فلانة أما بعد: فأنت طالق. وفي هذا الوجه يقع الطلاق عليها في الحال.

وإن قال: لم أعنِ به الطلاق لم يصدق في الحكم، وهذا لأن الكتابة المرسومة بمنزلة المقال.

ولو قال لها: يا فلانة أنت طالق ولم يذكر شرطاً يقع الطلاق عليها في الحال. وإذا قال لم أنو الطلاق لم يصدق في الحكم كذا ههنا. وهل يدين فيما بينه وبين الله تعالى؟ ذكر هذه المسألة في «المنتقى» : في موضعين، وذكر في أحد الموضعين أنه لا يدين، وذكر في الموضع الآخر أنه يدين.

الوجه الثاني: أن يكتب إذا جاءك كتابي هذا فأنت طالق. وفي هذا الوجه لا يقع الطلاق إلا بعد مجيء الكتاب؛ لأنه علّق الطلاق بالشرط كتابة، ولو علقه بالشرط مقالة لا يقع الطلاق قبل وجود الشرط كذا ههنا. فإن كتب أول الكتاب أما بعد: إذا جاءك كتابي هذا أنت طالق، ثم كتب الحوائج، ثم بدا له مجيء الحوائج وترك قوله: إذا جاءك كتابي هذا فأنت طالق فوصل إليها هذا القدر يقع الطلاق. وإن محى قوله إذا جاء كتابي هذا فأنت طالق وترك الحوائج لا يقع الطلاق عليها وإن وصل إليها الكتاب، هكذا ذكر شيخ الإسلام رحمه الله؛ لأن شرط وقوع الطلاق عليها أن يصل إليها ما كتب قبل قوله هذا ولم يصل لما محاه قبل الوصول.

وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: أنه إذا محى ذلك الطلاق من كتابه، وترك ما سوى ذكر وبعث بالكتاب إليها فهي طالق إذا وصل، وهكذا ذكر في «العيون» ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>