رجل اشترى من رجل عبداً وتقابضا ثم وجد مشتري العبد بالعبد عيباً، وخاصم البائع فيه فأقر البائع بالعيب وجحده وصالح المشتري عن العيب على دنانير فهذا (على) وجهين:
الأول: أن يكون بدل الصلح أقل من حصة العيب من الثمن بأن كان حصة العيب من الثمن عشرة دنانير، ووقع الصلح على أقل من عشرة دنانير وافترقا قبل التقابض فالصلح جائز.
من مشايخنا من قال: ما ذكر من الجواب يستقيم على قولهما، أما على قول أبي حنيفة: ينبغي أن لا يجوز الصلح إذا افترقا قبل التقابض.
وهذا الاختلاف يرجع إلى اختلافهم في المغصوب منه إذا صلح مع الغاصب بعد هلاك المغصوب على أكثر من قيمته على قول أبي حنيفة: يجوز؛ لأن حق المغصوب منه بمجرد الهلاك لا ينتقل عن العين إلى القيمة إلا بقضاء أو رضاء فقبل القضاء والصلح يكون الصلح واقعاً عن الجزء الغائب، وإنه دين معنى فيبطل الصلح بالافتراق عن المجلس قبل قبض البدل؛ لأن الافتراق يكون عن دين بدين.
وعلى قول أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: صلح المغصوب منه مع الغاصب على أكثر من قيمته لا يجوز؛ لأن عندهما حق المغصوب منه بمجرد الهلاك ينتقل عن العين إلى القيمة فيكون الصلح واقعاً عن القيمة، فلا يجوز على أكثر من القيمة لمكان الربا فكذا هاهنا حق المشتري ينتقل عن الجزء الغائب إلى حصة من الثمن، وذلك عشرة دنانير، فيكون الصلح واقعاً من حيث المعنى على عشرة دنانير على ثمانية دنانير، ولو كان هكذا حقيقة لا يبطل الصلح بالافتراق قبل قبض بدل الصلح؛ لأن هذا ليس بصرف بل هو استيفاء لبعض الحق وإسقاط لبعض الحق كذا هاهنا.
ومن المشايخ من قال: ما ذكر ههنا قول الكل، وهذا القائل يقول بأن حق المشتري في الجزء الغائب ينتقل إلى حصته من الثمن من غير أن يحتاج فيه إلى قضاء القاضي أو التراضي.
وفرق هذا القائل على قول أبي حنيفة رحمه الله من هذه المسألة الغصب.
والفرق: أن في باب الغصب حق المالك كان في عين المغصوب قبل الهلاك لو انتقل إلى القيمة؛ إنما ينتقل بنفس الهلاك وليس من ضرورة الهلاك انتقال الحق إلى القيمة؛ لأن الهلاك على ملكه مقصور بأن أبرأ الغاصب عن ضمان الغصب، وإذا لم يكن