وانكسر القدر، فإن كان الحمار يطيق حمل تلك القدر فلا ضمان عليه؛ لأن رد القدر وإن كان على الآجر إلا أن العادة جرت فيما بين الناس أن بحمله المستأجر إلى الآجر. إما من طريق المروءة وإما خوفاً من أن يلحقه بسببه ضمان. والمعروف كالمشروط. ولأن المؤاجر راض بهذا آذن فيه دلالة، فلا يضمن المستأجر، وإن كان الحمار لا يطيق حمل تلك القدر فهو ضامن؛ لأنه سبب لتلفها.
إذا استأجر فأساً واستأجر أجيراً ليعمل فيه، فدفع إليه الفأس فذهب الأجير بالفأس قد اختلف المشايخ فيه بعضهم قالوا: المستأجر ضامن لأنه صار مخالفاً بالدفع إليه وبعضهم قالوا: إن كان استأجر الفأس أولاً فهو ضامن. هكذا ذكر في فتاوى أهل سمرقند وينبغي أن يقال: إن كان الناس يتفاوتون في استعمال الفأس، فلا بد لصحة الإجارة من تعيين مستعمل الفأس، كما لو استأجر دابة للركوب يشترط لصحة الإجارة تعيين الراكب؛ لأن الناس يتفاوتون في الركوب. وإذا عين نفسه حتى صحت الإجارة يصير مخالفاً بالدفع إلى الأجير، وإذا لم يعين المستعمل حتى فسد العقد، فإن استعمل الفأس أولاً بنفسه، ثم دفعه إلى الأجير يضمن عند بعض المشايخ. لما تبين لأنه تعين مستعملاً، وصار كأنه عين نفسه عند العقد، فيضمن بالدفع إلى الأجير وإن دفعه إلى الأجير قبل أن يستعمله بنفسه، فهو ليس بمخالف فإن استعمله المستأجر بعد ذلك بنفسه هل يضمن؟ يجب أن يكون في المسألة اختلاف المشايخ، كما في العارية. فإن استعار دابة للركوب، ولم يعين نفسه فركب بنفسه، أو لبس بنفسه فليس له أن يعيره بعد ذلك من غيره. ولو فعل فقد اختلف المشايخ في تضمينه. وكذلك لو ألبس غيره أولاً، أو أركب غيره أولاً، فليس له أن يلبس ويركب بنفسه بعد ذلك، ولو فعل ففي تضمينه اختلاف المشايخ فهنا يجب أن يكون كذلك.
وإن كان الناس لا يتفاوتون في استعمال الفأس، فالإجارة صحيحة، عين المستعمل أو لم يعين، ولا ضمان على المستأجر إذا دفعها إلى الأجير، سواء دفعها إليه قبل أن يستعملها بنفسه، أو بعدما استعملها بنفسه.
وفيه أيضاً: استأجر من رجل مرا وجعله في الطريق، ثم صرف وجهه من الطريق، ودعا أجيراً له ولم يبرح عن مكانه ذلك، ثم نظر إلى المر فإذا قد ذهب به. قال: إن كان تحويل وجهه لم يطل حتى لا يسمى به مضيعاً للمر لا ضمان عليه، والقول في ذلك قوله مع يمينه، إن كذبه الآجر. وإن طال إلتفاته فهو ضامن.
[الفصل الثامن والعشرون: في بيان حكم الأجير الخاص والمشترك]