الأولى على قولها؛ لأنّ ثمّة ثبت وقوع الطلاق في حالة الصحّة بتصادقهما، وثبت انقضاء العدّة محال، وما أقرّ سبب التهمة لم يوجد، وهو النكاح والعدّة، أمّا ها هنا بخلافه، وأبو حنيفة رحمه الله يجيب عن كلامهما في تلك المسألة، ويقول: الزوج متهم في إقراره بالطلاق في حالة الصحّة، فرددنا إقرارها في حقّ صحّة الإقرار والوصية بالزيادة.
[الفصل الحادي عشر: في التعليقات التي هي إيقاع في الحال معنى بطريق المجازات]
إذا قالت المرأة لزوجها:«بامه» ،.... أو قالت ما «قلينان» ، فقال الزوج: إن كنت أنا ... ، فقال أو قال: إن كنت أنا «قلينان» فأنتِ طالق، فحاصل الجواب في هذه المسألة وأجناسها أنّ الزوج ينوي، إن أراد التعليق لا يقع الطلاق ما لم يكن كذلك، وإن أراد المكافأة والمجاراة «وفارسيّة حشم رادن» يقع الطلاق وإن لم يكن الزوج كذلك، ومعنى المجاراة بالعربيّة: أني طلقتك مجاراة على مقالتك هذه، ومعنى «خشم رايدن» بالفارسيّة: إنك أغضبتني بهذه المقالة «خشم فيويش باين طريق راندم كه طلاق دادمت» ، وإن لم يكن للزوج نيّة تكلم المشايخ فيه والمختار للفتوى: أنّه إن كان في حالة الغضب يحمل على المكافأة والمجاراة، وإن لم يكن في حالة الغضب يحمل على التعليق وتكلّموا في تفسير القلينان فقيل: أن يكون عالماً بفجور امرأته راضياً به، وقيل أن يكون التلميذ الكبير إلى امرأته، وقيل أن يخلّيها مع الغلام البالغ.
ولو قال لها: إن علمت أنّي قلينان فأنتِ طالق، لا يقع الطلاق ما لم يقل: علمت أنّك «فرطبان» ؛ لأنّه علق الطلاق بمعنى في قلبها، فيتعلّق بالإخبار عنه، كما في قوله: إن كنت تحبينني وأشباه ذلك، فإذا قالت لزوجها: يا سفلة، فقال الزوج: إن كنت أنا سفلة فأنتِ طالق وأراد به التعليق لا يقع الطلاق ما لم تكن سفلة.
وتكلّموا في معنى السفلة، قال أبو حنيفة رحمه الله: الموت لا يكون سفلة بل السفلة هو الكافر، وعن أبي يوسف أنّ السفلة الذي لا يبالي ما قال وما قيل له، وعن محمّد بن الحسن رحمه الله: أنَّ السفلة الذي يلعب بالحمام، ويقال عن خلف بن الأيّوب رحمه الله: أنّ السفلة الذي يرفع الدلّة من الدعوة، وقيل: هو الذي لا يعطي النائبة في قُوّتِهِ، وعن أبي عبد الله البلخي: هو الذي يشتم أباه وأمّه ويقرأ القرآن في الطريق، وعن ابن المبارك: هو الذي يتسفّل لتعجرفه، وقيل هو الطفيلي، وقيل: هو الذي يختلف باب القضاة، وقيل: هو الذي يطعم أهله مع الإمكان خبز الشعير ولحم البقر في موضع لا يعتاد ذلك.