للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجعة فلا تثبت الرجعة بالشك، فأمّا في مسألتنا هذه: هذا الاحتمال ساقط الاعتبار، لأنّ في مسألتنا ولدت ولدين، فلو لم يجعل الثاني وعلوق حادث صار مع الولد الأوّل بطناً واحداً، وفي اتحاد البطن شك على ما مر، فصار العلوق الثاني من وطء حادث بعد الطلاق فيكون رجعة.

وفي «الأصل» : إذا قالت المطلقة طلاقاً رجعيّاً: أسقطت سقطاً مستبين الخلق أو بعض الخلق صدقت، ولا رجعة عليها. ولو قالت: ولدت لا يقبل قولها إلا ببيّنة، فإن طلب الزوج يمينها بالله لقد أسقطت سقطاً بهذه الصفة تحلف بالاتفاق، هو الصحيح؛ لأنّ هذا ليس استحلافاً على الرجعة.

إذا قال بعد مضي شهرين: قد انقضت عدّتي بالحيض، فقال الزوج أخبرتني أمس أنّها لم تحض، فإن صدّقته ملك الزوج الرجعة، وإن كذبته فالقول قولها مع اليمين، والله أعلم بالصواب.

[الفصل الثالث والعشرون: في مسائل الظهار وكفارته]

يجب أن تعلم بأنّ ركن الظهار تشبيه منكوحته بظهر أمّه، بأن يقول لامرأته: أنتِ عليّ كظهر أمّي، فإنه لا يصح الظاهر؛ لأنّ حكم الظاهر ثبت بالنصّ والنصّ خاص في حقّ المنكوحات، قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُظَهِرُونَ مِنكُمْ مّن نّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَتِهِمْ إِنْ أُمَّهَتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِى وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} (المجادلة: ٢) وأن تكون المشبه بها محرّمة حرمة مؤبدة، حتّى لو شبّهها بالمحرمة حرمة مؤقتة كالمطلقة ثلاثاً لا يصحّ الظهار؛ لأنّ الأصل في هذا الباب التشبيه بالأم، وحرمة الأمّ ثابتة على سبيل التأبيد، وإذا شبّهها بذوات محارمة كالعمّة والخالة والأخت أو أشبّاههن ممن حرمت عليه برضاع أو صهرية، كأم المرأة وامرأة الأب كان مظاهراً لأن حرمة هؤلاء مؤبّدة.

ولو شبّهها بأخت امرأته أو بامرأةٍ لها زوج أو مجوسيّة أو مرتدة لم يكن مظاهراً؛ لأن حرمة هؤلاء غير مؤبدة. ولو شبهها بامرأةٍ زنى بها أبوه أو ابنه فهو مظاهر في قول أبي يوسف رحمه الله، وقال محمد: لا يكون مظاهراً، وهذا بناءً على أنّ حاكماً لو حكم بجواز نكاحها لم ينفذ في قول أبي يوسف، وقال محمّد رحمه الله: ينفذ.

وجه البيان: أنّ عند أبي يوسف لمّا لم ينفذ حكم الحاكم علم أنَّ الحرمة مؤبدة نظير حرمة الأم، وعند محمّد لمّا نفذ حكم الحاكم علم أنّ الحرمة مؤقتة، فلا يكون نظير حرمة الأمّ قول أبي يوسف: أنّ الحكم بجواز نكاح هذه حكم بخلاف النصّ، قال الله تعالى {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءابَاؤُكُمْ مّنَ النّسَآء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآء سَبِيلاً} (النساء: ٢٢) والنكاح عبارة عن الوطء. وجه قول محمّد رحمه الله: أنّ

<<  <  ج: ص:  >  >>