إليه حيواناً استهلكه وينتفع به، ثم يدفع إليه حيواناً آخر مكانه، فيأخذه المستقرض للتملك دون الانتفاع، ورد عينه بعد ذلك.
[الفصل السادس في رد العارية]
قال محمد في «الأصل» : إذا رد المستعير الدابة مع عبده أو بعض من في عياله، فلا ضمان عليه؛ كما في الوديعة، وهذا هو العرف في الظاهر فيما بين الناس أن المستعير بعدما فرغ من الانتفاع يرد العارية على يدي غلامه أو بعض من في عياله، وإن ردها على عبد صاحب الدابة عبد القوم عليها، وتعاهدها يبرأ عن الضمان، وأراد به ضمان الرد لا ضمان العين؛ لأن ضمان العين لم يجب بعد؛ أما ضمان الرد واجب، فانصرفت البراءة إلى ما كان مضموناً عليه، ولو هلكت الدابة بعد ذلك في يد العبد لا يضمن ضمان العين؛ قال شمس الأئمة السرخسي: وهذا استحسان.
والقياس: أن يضمن كما لو رد الوديعة على يدي من في عيال صاحب الوديعة، والفرق على جواب الاستحسان العرف، فإن الظاهر فيما بين الناس أن سائس الدابة هو الذي يسلم الدابة إلى المستعير عند الإعارة، وهو الذي يسترد منه عند الفراغ عن الحاجة، ومثل هذا العرف لا يوجد في الوديعة، فإن صاحب الوديعة يتولى: أخذها، وإنما أودعها؛ لأنه لم يرضَ بكونها في يدي من في عياله؛ قال شيخ الإسلام: وعلى قياس ما ذكر في العارية يجب أن يقال بأن الغاصب إذا رد المغصوب على عبد المغصوب منه عبداً يقوم على الدابة أنه يبرأ عن الضمان، فأما إذا رد المستعير الدابة على عبد لا يقوم عليها، ولا يحفظها؛ هل يبرأ عن ضمان الرد؛ ذكر شيخ الإسلام وقال: يجب أن لا يبرأ كما في الغاصب إذا رد الدابة المغصوبة على عبد لا يقوم عليها، فإنه لا يبرأ عن ضمانها، وهل يضمن ضمان العين إذا ضاع في يده لم يذكر محمد هذه المسألة ههنا صريحاً، وذكر شمس الأئمة السرخسي ما يدل على أنه يضمن.
فإنه قال في المستعار: لو كان عقد لؤلؤة، فردها على عبد يقوم على الدواب فهو ضامن ما لم تصل إلى المالك.
وهكذا ذكر في «المنتقى» أيضاً: فإنه قال: إذا كانت العارية عقد لؤلؤة فردها على عبدٍ لا يقبض مثله مثلها إنه يضمن، وذكر شيخ الإسلام: أن هذه المسألة تكون على القياس والاستحسان؛ القياس: أن يضمن، وفي الاستحسان: لا يضمن؛ كما لو ردها إلى منزله أو ربطها، وضاع ثمة يضمن قياساً ولا يضمن استحساناً؛ لأن المنزل في يد المولى حكماً، فالرد إلى منزله أو الربط يكون رداً على المالك حكماً، فكذا العبد الذي لا يقوم على الدابة في يد المولى حكماً، فكان الرد عليه كالرد على المولى.
وأشار محمد رحمه الله بعد هذه المسألة بمسائل إلى أنه لا يضمن قياساً