للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتأكد بالعقل. وإذا أقر له الرجل أن فلاناً أعتقه وأنكر فلان ذلك وقال: ما أعتقتك ولا أعرفك ثم إن المقر أقر أن فلاناً الآخر أعتقه فإنه لا يصح إقراره عند أبي حنيفة رحمه الله ولا يصير مولى للثاني، وعندهما يصح إقراره للثاني إذا صدقه الثاني في ذلك.

أصل المسألة: إذا أقر بالنسب للإنسان وكذبه المقر له في إقراره وأقر به لإنسان آخر أو ادعى رجل على ولد رجل بعد موته أني أعتقت أباك. وصدقه الولد في ذلك ثبت الولاء له. ولو كان للميت أولاد كبار وصدقه بعض الأولاد فالذين صدقوه يكونون موالي له، وإن كان المدعي اثنين فصدق بعض الأولاد أحدهما وصدق الباقون الآخر فكل فريق منهم يكون مولى للذي صدقه.

[الفصل الرابع في دعوى الولاء والخصومة واليمين فيه]

وإذا ادعى رجل على رجل أني كنت عبداً له وأنه أعتقني وقال المدعى عليه: أنت عبدي كما كنت وما أعتقتك فالقول قول المولى، فإن أراد العبد أن يحلفه فله ذلك؛ لأن الدعوى هاهنا وقع في العتق والاستحلاف يجري في العتق بلا خلاف.

وإن قال المدعى عليه: أنت حر الأصل وما كنت عبداً لي قط، وما أعتقتك وأراد استحلافه لا يستحلف عند أبي حنيفة رحمه الله لأن الاختلاف هاهنا في الولاء لا في العتق لأنهما تصادقا على العتق، والاستحلاف لا يجري في الولاء عند أبي حنيفة رحمه الله.

وكذلك إذا ادعى على ورثة ميت حر مات وترك ابنة ومالاً أني كنت أعتقت الميت ولي نصف الميراث معك أيتها البنت فالبنت لا تستحلف على الولاء وتستحلف (٣٥٩ب١) على المال بالله ما تعلمين لهذا في ميراث أبيك حقاً.

وهو نظير ما لو ادعى رجل على الابنة أنه ابن الميت، وادعى الميراث (تستحلف) بالله ما تعلمين لهذا حقاً في ميراث أبيك وولاء الموالاة في هذا كولاء العتاقة لا تستحلف عليه عند أبي حنيفة رحمه الله خلافاً لهما، فإن عاد المدعى عليه إلى تصديق المدعي بعد ما أنكر دعواه فهو مولاه ولا يكون إنكاره نقضاً للولاء لأن النقض تصرف في العقد بالرفع بعد الثبوت وإنكار أصل الشيء لا يكون تصرفاً فيه.f

وإذا ادعى رجل من الموالي على عربي أنه مولاه أعتقه والعربي غائب ثم بدا للمدعي فادعى ذلك على آخر وأراد استحلافه لا يستحلف عند أبي حنيفة رحمه الله لوجهين:

أحدهما: أن الدعوى على الآخر لم تصح لأنه أقر به للأول.

والثاني: أن الدعوى وقعت في الولاء وهو لا يرى الاستحلاف في الولاء.

ولو أقر المدعى عليه الثاني للمدعي فيما ادعاه لم يكن الولاء للمدعى عليه الثاني عند أبي حنيفة رحمه الله، وعندهما الأمر موقوف إن قدم الغائب وصدق المدعي فيما

<<  <  ج: ص:  >  >>