المسمى وإلى أجر مثل المستأجر، إن كان أجر مثل المسمى أو أكثر، لا ضمان عليهما للمستأجر أصلاً وإن أتلفا على المستأجر الأجر؛ لأنهما أتلفا (هـ) بعوض يعدله.
فإن قيل: كيف يكون الإتلاف بعوض يعدله ولم يستوف المستأجر بإزاء ما وجب عليه من الأجر سوى مجرد المنفعة، ومجرد المنفعة لا قيمة لها من غير عقد ولا شبهة عقد، وإذا لم يجب على المستأجر ضمان ما استوفى من المنفعة حتى يلتقيا قصاصاً بما وقع، كيف الإتلاف بعوض؟.
قلنا: مجرد المنفعة لا تتقوم من غير عقد ولا شبهة عقد كما قلتم، وإنما تتقوم بالعقد بقدر ما قوم، وقد حصل التقويم بالأجر المسمى بقضاء القاضي؛ لأن عقد الإجارة ثبت بقضاء القاضي في الظاهر والباطن عند أبي حنيفة وإن كان الشهود زوراً، وإذا ثبت التقوم عند أبي حنيفة بقدر الأجر وجب على المستأجر باستيفاء ما استوفى من الأجر وقد سلم ذلك له بما أدى، فكان إتلافاً بعوض، وعلى قول من يقول بأن عقد الإجارة يثبت بقضاء القاضي في الظاهر دون الباطن، فكذا الجواب في الظاهر وفي الباطن لا تثبت الإجارة ولا يثبت الإيجاب، فكان له أخذ قدر الأجر من مال الشاهدين في الباطن متى ظفر به.
[الفصل الثاني عشر: في الرجوع عن الشهادات على المال وعلى الدينوعلى الإبراء عن الدين وما يتصل بذلك]
ادعى على رجل مئة درهم وشهد له شاهد على إقرار المدعى عليه بدرهم، وشهد آخر على إقرار المدعى عليه بدرهمين، وشهد الآخر على إقرار المدعى عليه بثلاثة دراهم، وشهد آخر على إقرار المدعى عليه بأربعة دراهم، وشهد آخر على إقرار المدعى عليه بخمسة دراهم، فإن على قول أبي حنيفة: القاضي لا يقضي للمدعي بشيء، وعلى قولهما يقضي بأربعة إن زعمت الشهود أن الأقارير في مجلس واحد؛ لأن على الأربعة شاهدان وهو الشاهد الرابع والخامس، لأن الأربعة في الخمسة. ولا يقضي بالدرهم الخامس إذ ليس عليه إلا شاهد واحد وهو الخامس، وإن زعمت الشهود أن الأقارير كانت في مجالس مختلفة فعند أبي يوسف الآخر، وهو قول محمد رحمه الله، (.........) فيقضي بالأربعة أيضاً، وعند أبي يوسف الأول هذه أموال مختلفة فقضى له بسبعة، لأنه شهد على الأربعة شاهدان الرابع والخامس فيقضي بأربعة بشهادتهما، وشهد بالدرهمين اثنان الثاني والثالث فيقضى بالدرهمين شهادتهما، وشهد بالدرهم ثلاثة الأول والثالث والخامس فيقضي بالدرهم بشهادتهم، فقد ضم إلى الشاهد الأول الشاهد الثالث