والخامس ولم يضم إليه الشاهد الثاني والرابع، وإنما فعل هكذا لأن جميع ما شهد به الثاني وهو اثنان قد قضى به مرة، وجميع ما شهد به الرابع وهو أربعة قد قضى بها مرة، والشاهد متى قضي بجميع ما شهد به مرة لا يقضى بشهادته ثانياً، فأما الخامس فما قضي بجميع ما شهد به مرة؛ لأنه شهد بالخمسة وقد قضي بشهادته بالأربعة، وكذلك الثالث ما قضي بجميع ما شهد به مرة؛ لأنه شهد بالثلاثة وقد قضي بشهادته بالدرهمين، فلهذا ضم الخامس والثالث إلى الأول، ثم إذا قضي بسبعة دراهم عند أبي يوسف الأول، ورجع الشهود عن شهادتهم ضمن كل شاهد ما قضى القاضي بشهادته، فالأربعة حصل القضاء (بها) بشهادة الرابع والخامس، فيضمنان ذلك بالسوية، والدرهمان حصل القضاء بهما بشهادة الثاني والثالث فكان ضمان ذلك عليهما والدرهم الواحد حصل القضاء بها
بشهادة الأول والثالث والخامس، فكان ضمان ذلك عليهم، وعند أبي يوسف الآخر وهو قول محمد لما قضى بأربعة دراهم كان ضمان الدرهم الأول عليهم أخماساً، لأن القضاء به وقع بشهادة الخمسة وضمان الدرهم الثاني يكون على الثاني والثالث والرابع والخامس أرباعاً؛ لأن القضاء به وقع بشهادة هؤلاء، وضمان الدرهم الثالث يكون على الثالث والرابع والخامس أثلاثاً؛ لأن القضاء به وقع بشهادة هؤلاء، وضمان الدرهم الرابع يكون على الرابع والخامس نصفان؛ لأن القضاء به وقع بشهادتهما.
وفي «المنتقى» رجل مات وترك مئة درهم، فادعى رجلان كل واحد منهما على الميت مئة درهم، وأقام شاهدين بمحضر من الوارث وقضى القاضي لكل واحد منهما بمئة درهم، وقسمت المئة المتروكة بينهما نصفان، ثم رجع شاهد أحد الرجلين عن خمسين درهماً، وقال: لم يكن له إلا خمسون درهماً غرما للغريم الآخر ثلث الخمسين، وذلك ستة عشر وثلثان؛ لأن في زعم الراجعين أن حق الآخر ضعف حق الذي شهدا له وأن الواجب المئة بينهما أثلاثاً، ثلثها وذلك ثلاثة وثلاثون وثلث للذي شهدا له، وثلثاها ستة وستون وثلثان للآخر، وإنما قسمت المئة بينهما نصفان بشهادتهما بالمئة، فصارا متلفين على الآخر ما زاد على ثلاثة وثلاثين إلى تمام خمسين، وذلك ستة عشر وثلثان وهو ثلث الخمسين، فيضمنان ذلك القدر.
وفيه أيضاً: رجل مات وترك ألف درهم، فادعى رجل على الميت ألف درهم، وأقام على ذلك بينة، وادعى رجل آخر عليه ألف درهم أيضاً وأقام على ذلك بينة، وقضى القاضي بالألف بين المدعيين ثم رجعوا، ضمن كل شاهد خمسمئة، وإن رجع شاهد أحد المدعيين لم يضمنا للوارث شيئاً؛ لأن ههنا من قد استحق الألف كلها.
ولم يذكر في «الكتاب» هل يضمنان للمدعي الآخر، وعلى قياس المسألة الأولى ينبغي أن يضمنا، وإن رجع بعد ذلك شاهدا المدعي الآخر، فهذا وما لو رجعوا جملة سواء مع المباشر إذا اجتمعا كان الضمان على المباشر إذا لم يصر الإتلاف منقولاً إلى المسبب؛ والإتلاف ههنا لم يصر منقولاً إلى المسبب؛ لأن الوكيل مختار في القبض وليس بمجبر عنه بخلاف القاضي؛ لأن القاضي مجبر على القضاء، فيصير فعله منقولاً إلى الشاهد.