المتقدمين، وقد قيل: لا بأس به إذا علم أن فيه شفاء؛ وهذا لأن الحرمة تسقط عند الاستشفاء على ما يأتي بيانه بعد هذا إن شاء الله تعالى.
وإذا أراد المصلي التعوذ، فالذي هو موافق للقرآن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولو قال: أعوذ بالله العظيم، أعوذ بالله السميع العليم؛ لأنه يصير فاصلاً بين التعوذ، وبين القراءة، وينبغي أن تكون القراءة متصلة بالتعوذ.
[الفصل الخامس في المسجد والقبلة والمصحف وما كتب فيه شيء من القرآن، نحو الدراهم والقرطاس، أو كتب فيه ذكر الله تعالى]
قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» : ولا بأس بأن ينقش المسجد بالجص والساج وماء الذهب؛ قوله لا بأس يدل على (أن) المستحب غيره، وهو الصرف إلى الفقراء؛ إلا أنه إن فعل لا يأثم ولا يزجر عليه، ومن العلماء من قال: إن نقش المسجد قربة حسنة، ومن العلماء من قال: هو مكروه.
حجة من قال: إنه مكروه قوله عليه السلام: «من أشراط الساعة نقوش المساجد» ، وعن علي رضي الله عنه أنه مر بمسجد مزخرف، فقال: لمن هذه البيعة. وعن عمر بن عبد العزيز أنه لما رأى مالاً ينقل إلى مسجد المدينة قال: المساكين أحوج إلى هذا من الأساطين.
وجه من قال إنه قربة، ما روي أن داود عليه السلام بنى مسجد بيت المقدس، ثم سليمان صلوات الله عليه أتمه بعده وزينه حتى نصب الكبريت الأحمر على رأس القبة، وكان ذلك من أعز ما يوجد في ذلك الوقت، ولأن فيه ترغيب الناس في الاعتكاف والجماعة، وفيه تعظيم بيت الله تعالى.
والأصح على قول علمائنا رحمهم الله أنه ليس بقربة؛ إلا أنه لا يكره؛ أما ليس بقربة فإن مسجد رسول الله بالمدينة كان مسقفاً من جريدة النخل حيطانه من الحجر، فقيل لرسول الله: ألا نزيد لك، فقال:«لا بل عريش كعريش موسى صلوات الله عليه» ، وكان يكف إذا حل به المطر، قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: رأيته يسجد في ماء وطين، فدل أنه ليس بقربه، إلا أنه لا بأس به لما روينا من الأحاديث، ولما روي أن عثمان رضي الله عنه رفع بناء مسجد رسول الله عليه السلام، وزاد فيه وزينه، وفرش الحصا فيه على هداية القوم فدل أنه لا بأس به، وكره بعض مشايخنا القوس على المحراب وحائط القبلة؛ لأن ذلك يشغل قلب المصلي إذا نظر فيه، وروي أنه أهدي إلى رسول الله عليه السلام ثوب معلم فصلى فيه، ثم نزعه فقال: «كان يشغلني علمه عن