للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدوث الغلة حق الموقوف عليه غير ثابت، وإنما يثبت بعد ثبوت الغلة فلا يعمل رد من رد بل يجعل كالميت فتكون الغلة للباقي، فهذا القائل يقول: لو ردَّ بعد حدوث الغلة يكون حصته للفقراء كما في الوصية لو رد بعد موت الموصي يكون حصته للورثة، وهذا القائل يقول: لو رد أحد الموصى لهم الوصية قبل موت الموصي لا يعمل ولا يكون حصته للورثة كما في الوقف إذا رد قبل حدوث الغلة، فإذاً على قول هذا القائل لا فرق بين الوصية وبين الوقف.

ومن المشايخ من فرق بين الوصية والوقف فقال في الوقف: وإن رد بعد حدوث الغلة كانت الغلة للذي قبل بكمالها بخلاف الوصية والفرق ما ذكر من وجه التوفيق، ولو قال: صدقة موقوفة على ولد عبد الله ونسله فلم يقبلوا جملة كانت الغلة للفقراء، ولو حدث له ولد بعد ذلك فقبل كانت الغلة له، لأن رد من رد لا يعمل في حقه واسم الولد يقع عليه فتكون الغلة له، فإن أخذ الغلة سنة ثم قال: لا أقبل ليس له ذلك ولا يعمل، رده قال الفقيه أبو جعفر: الجواب صحيح في حق الغلة المأخوذة؛ لأنها صارت ملكا له فلا يملك رده، فأما الغلة التي تحدث بعد هذا فلا ملك له فيها إنما الثابت فيها مجرد الحق، ومجرد الحق يقبل الرد وإن قال: أقبل سنة ولا أقبل فيما سوى ذلك فهو كما قال: ويكون بمنزلة الوصية بالإعتاق إذا قبلها في البعض دون البعض.

[الفصل الثامن عشر: في الرجل يقف على جماعة ثم يستثني بعضهم بصفة خاصة وفي الرجل يقف على جماعة موصوفين فتزول تلك الصفة عن كلهم أو بعضهم]

ذكر في «فتاوي أبي الليث» رحمه الله: إذا وقف وقفاً على أمهات أولاده إلا من يتزوج، فإنه لا شيء لها فتزوجت واحدة منهن فلا شيء لها، فإن طلقها زوجها بعد ذلك فلا شيء لها أيضاً؛ لأنه استثنى من تزوج منهن إلا إذا شرط أن من تزوجت فطلقها زوجها فلها أيضاً؛ لأنه استثنى من هذا المستثني والاستثناء من النفي إثبات.

وكذلك لو وقف على بني فلان إلا من خرج من هذه البلدة فخرج بعضهم ثم عاد فهو على هذين الوجهين أيضاً وكذلك لو وقف على بني فلان فمن يتعلم العلم فترك بعضهم ثم اشتغل فهو على هذين الوجهين.

وفيه ايضاً: رجل وقف أرضه على ساكني مدرسة كذا ولم يقل من طلبة العلم فكذلك الجواب أيضاً؛ لأنه هو المتفاهم حتى لم تكن مدرسة كذا (٢٠أ٣) من غير طلبة العلم شيء، فيه أيضاً المتعلم إذا كان لا يختلف إلى الفقهاء فهو على وجهين إما إن كان في المصر أو خرج من المصر، فإن كان في المصر إن اشتغل بكتابة شيء من الفقه لنفسه فيما يحتاج فلا بأس بأن يأخذ الوظيفة؛ لأنه يشتغل بالتعلم؛ لأن هذا من جملة التعلم،

<<  <  ج: ص:  >  >>