وإذا استأجر الرجل رجلاً يخلص له ذهباً أو فضة من تراب المعادن أو من تراب الصياغين فهذا على ثلاثة أوجه:
إما أن يقول: استأجرتك لتخلص لي ألف درهم فضة من هذا التراب، أو قال: ألف مثقال ذهب من هذا التراب، ولا يدري ذلك المقدار هل يخرج من هذا التراب المشار إليه أو لا يخرج؛ لأنه لا يجوز.
وإما أن يقول: استأجرتك لتخلص الذهب والفضة من هذا التراب بكذا، وإنه جائز.
وإما أن يقول: استأجرتك لتخلص لي ألف درهم فضة من التراب، ولم يشر إلى التراب، وإنه لا يجوز أصلاً، بمنزلة ما لو استأجر له قميصاً بدرهم ولم يعين الكر باس والله أعلم.
[الفصل الرابع والعشرون: في المتفرقات]
قال محمد رحمه الله: إذا اشترى الرجل من آخر عشرة دراهم فضة بعشرة، فزادت عليها دانق فوهبه له هبة، ولم يدخله في البيع فهو جائز يريد بقوله: لم يدخله في البيع أن الهبة لم تكن مشروطة في الشراء؛ إذ لو كانت مشروطة في الشراء لأفسده الشراء، وإنما جاز هذا التصرف؛ لأنه لو لم يجز، أما لم يجز لمكان الربا، وإذا وهب الدانق منه فقد انعدم الربا.
قالوا: وإنما تصح هبة الدانق إذا كان الدرهم بحيث يضره الكسر؛ لأنه حينئذ يكون هبة المشاع فيما لا يحتمل القسمة، وإنها جائزة فأما إذا كان الدرهم بحيث لا يضره الكسر لا تجوز الهبة، لأنها هبة المشاع فيما يحتمل القسمة وهبة المشاع فيما يحتمل القسمة لا يتم قبل القسمة والتميز.
ولا يجوز بيع الذهب مجازفة ولا بيع الفضة بالفضة مجازفة إذ لم يعرف وزنهما أو وزن أحدهما. والأصل فيه قوله عليه السلام:«الفضة بالفضة مثل بمثل وزن بوزن والذهب بالذهب مثل بمثل وزن بوزن» ، فقد جعل المماثلة في الوزن شرط جواز البيع، ولم توجد المماثلة في الوزن هاهنا، فإن وزنا فوجدا متماثلين فهذا على وجهين:
إن وزنا في مجلس العقد، فالبيع جائز، وإن وزنا بعد الافتراق على المجلس لا يجوز العقد، وهو نظير بيع الصبرة بالصبرة مجازفة، وقد مر الكلام فيه قبل هذا.
ويجوز الفضة بالفضة والذهب بالذهب إذا اعتدل البدلان في كفة الميزان إن لم