للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقصود، قال في كتاب التحري عقيب ذكر هذه المسألة: وهو نظير من أتى حياً من الأحياء ولم يجد ماءً فتيمم وصلى، ثم وجد الماء فإن كان في الحي قوم من أهله ولم يسألهم لا يجوز له التيمم، وإن كان في الحي قوم من غير أهله فلم يسألهم، أو سألهم فلم يخبروه، أو لم يكن بحضرته من يسأله جازت صلاته، وذكر القدوري في «شرحه» عن محمد رحمه الله فيمن بان له الخطأ بمكة بأن كان به محبوساً في بيت فاشتبهت عليه القبلة فتحرى، فلم يكن عنده من يسأله أنه لا إعادة عليه قال ثمة: وهو الأقيس؛ لأنه إذا كان محبوساً في بيت وانقطع عنه سائر الأدلة تعين عليه التحري، فقد أتى بما أمر به فيجوز، قال ثمة: وقال أبو بكر الرازي: عليه الإعادة؛ لأنه تيقن بالخطأ بمكة؛ لأن القبلة بمكة مقطوع بها، قال ثمة: وكذلك لو كان بالمدينة؛ لأن القبلة بالمدينة مقطوع بها؛ نصبها رسول الله عليه السلام بالوحي بخلاف سائر البقاع.h

[الفصل الثاني في مسائل الزكاة]

وإذا دفع الرجل زكاة ماله إلى رجل، ولم يخطر بباله عند الدفع أنه غني أو فقير؛ جاز الأداء إلا إذا علم أنه غني، وإن دفع إلى رجل ظن أنه فقير من غير أن يستدل على كونه فقيراً بما جعل أمارة على الفقر، فالجواب فيه كالجواب في الفصل الأول، ومعنى المسألة أنه لم يشك في أمر المدفوع إليه، بل كما رآه وقع في قلبه أنه فقير.

وإن اشتبه عليه حال المدفوع إليه، فدفع إليه بعدما تحرى، ووقع في أكثر رأيه أنه فقير أو أخبره المدفوع إليه أو أخبره عدل آخر أنه فقير، أو رآه في زي الفقراء، أو رآه جالساً في صف الفقراء، أو رآه يسأل الناس، ووقع في قلبه أنه فقير، وفي هذه الوجوه كلها إن علم أنه فقير أو أكثر رأيه أنه فقير، أو لم يعلم شيئاً، أو علم أنه غني، أو كان أكثر رأيه أنه غني؛ جاز في قول أبي حنيفة ومحمد رضي الله عنهما، وعند أبي يوسف الجواب كذلك إلا في وجه واحد؛ وهو ما إذا علم أنه غني؛ فإن في هذه الصورة: لا يجزئه عن زكاة ماله عند أبي يوسف، قال شيخ الإسلام: وله أن يسترد ما دفع إليه، وهو خلاف الرواية، فالرواية منصوصة عن أبي يوسف أنه لا يملك الاسترداد.

ثم إن محمد رحمه الله جمع بين فصول خمسة، بينما إذا أخبره المدفوع إليه أو عدل آخر أنه فقير، أو رآه في زي الفقراء أو جالساً في صف الفقراء، أو رآه يسأل الناس، ووقع في قلبه أنه فقير؛ ذكر هذا الشرط، وهو الوقوع في قلبه أنه فقير فيما إذا رآه يسأل الناس، ولم يذكره في الفصول الأخر، وإنه شرط في الفصول الأخر أيضاً، وهكذا ذكر في «النوادر» بعض الفصول الأخر مع هذا الشرط؛ وهذا لأنه إذا وقع في قلبه صدقه كان بمنزلة التحري.

ثم على قول أبي حنيفة ومحمد: إذا ظهر أن المدفوع إليه غني، وجازت الصدقة عند أبي حنيفة ومحمد هل يحل للقابض؟ اختلف المشايخ فيه؛ قال بعضهم: لا يطيب،

<<  <  ج: ص:  >  >>