إلى جهة فصلى إليها ركعة ثم تحول رأيه إلى جهة أخرى؛ يتحول إلى الجهة الثانية، وكذا في الثالثة، والرابعة، والأصل فيه حديث أهل قباء على ما روينا، واختلف المتأخرون فيما إذا صلى ركعة إلى جهة بالتحري، ثم وقع تحريه على جهة أخرى فصلى إليها ركعة، ثم وقع تحريه على الجهة الأولى، فمنهم من قال ينتقل إلى تلك الجهة أيضاً، ومنهم من قال: يلزمه الاستقبال.
ومما يتصل بهذا الفصل معرفة مكان التحري
ذكر في باب صلاة المريض (١٠٤ب٢) من الأصل مسألة تدل على أن التحري في باب القبلة كما جوز خارج المصر يجوز في المصر، وصورتها قوم مرضى في بيت بالليل أمهم واحد وصلى بعضهم إلى القبلة، وبعضهم إلى غير القبلة، وهم يظنون أنهم أصابوا يعني تحروا، فصلاتهم جائزة؛ لأنه يجوز ذلك من الأصحاء حالة الاشتباه فمن المرضى أولى، ووجه الاستدلال بها أن محمداً رحمه الله حكم بجواز صلاتهم من غير فصل، بينما إذا كان البيت في المصر أو خارج المصر.
وعن أبي يوسف: أن الرجل إذا كان ضيفاً وكان ليلاً، ولم يجد أحداً يسأل فأراد أن يصلي التطوع جاز له التحري، وذكر شمس الأئمة الحلواني في «شرحه» مسألة الضيف، فقال: إذا كان الرجل ضيفاً في بيت إنسان فنام القوم، فأراد الضيف أن يتهجد بالليل، وكره أن يوقظهم، وذكر أن بعض مشايخنا قالوا: لا يجوز له التحري، وبعضهم قالوا: إن كان يريد إقامة المكتوبة لا يجوز له التحري، وإن كان يريد التهجد بالليل؛ يجوز له التحري، قال شمس الأئمة الحلواني عن مشايخه إن الصحيح أنه لا يجوز التحري في المصر؛ لأنه يتوصل إلى إصابة الجهة بالسؤال، ويجد من يسأله غالباً، والحكم يبنى على الغالب، قالوا: وما ذكرنا في باب صلاة المريض محمول على البيت الذي يكون في الرباط، ولا يكون.. في.... والمرضى مسافرون.
وفي «فتاوى النسفي» : التحري في المسجد في ليلة مظلمة يجوز حتى لو صلى المغرب في المسجد بالتحري، ثم جيء بالسراج وظهر أنه أخطأ القبلة لا يجب عليه الإعادة سواء كان المسجد له محراب أو لم يكن؛ لأن في مس الحائط لطلب المحراب احتمال الضرر، قال: وهذا جواب السيد الإمام أبي شجاع، وبه كان يفتي ظهير الدين المرغيناني، وفي النهار لا يجوز.
وفي كتاب التحري: رجل دخل مسجداً لا محراب فيه، وقبلته مشكلة، وفيه قوم من أهله فتحرى هذا الرجل القبلة وصلى، ثم تبين أنه أخطأ فعليه أن يعيد الصلاة، وإن علم أنه أصاب جازت صلاته؛ لأن السؤال من أهله ما افترض لعينه، بل لإصابة القبلة، فإذا أصاب فقد حصل المقصود بدونه فيجوز، ألا ترى أنه قد صلى بعد الشك بدون التحري؛ لأن التحري ما افترض بعينه بل لإصابة الكعبة، فإذا أصاب فقد حصل