كان قال هذا المدعى عليه لهذا المدعي: إن حلفت أني سرقت من دراهمك هذا المقدار الذي أودعته، فأنا أعطيك مثل ملك الدراهم، فحلف المدعي على دعواه، وأعطاه المدعى عليه نصف هذه الدراهم، وأعطاه بالنصف الباقي خطاً، ثم أراد المدعى عليه استرداد ما دفع إليه من الدراهم، كيف الحكم فيه؟ وقد كان الشيخ الإمام الزاهد نجم الدين النسفي كتب في الجواب أن المدعى عليه إن أعطى النصف، والتزم النصف صلحاً عن دعوى المدعي، وأقر أنه سرق الدراهم، فعليه إعطاء الباقي، وليس له أن يسترد النصف الذي أعطى، وإن أعطى النصف، وأعطى خطاً بالباقي بناء على يمين المدعي، ووفاءً بما قال لا يلزمه شيء، وله أن يسترد ما أعطاه، وقد قيل: له أن يسترد في الوجهين جميعاً؛ لأن بيمين المدعي لا يستحق على المدعى عليه شيء.
نص محمد رحمه الله في كتاب «الصلح» : إن المدعي مع المدعى عليه إذا اصطلحا على أن يحلف المدعي على دعواه على أنه إن حلف، فالمدعى عليه ضامن المدعى به أن الصلح باطل.
عرض على الشيخ الإمام الأجل نجم الدين النسفي رحمه الله محضر فيه دعوى رجل أثبت استحقاق كرم على رجل، وطالبه بغلاتها، وبين ذلك، فادعى المدعى عليه في دفع دعواه أنه صالحه من ذلك على بدل معلوم، ولم يذكر مقدار البدل، ولم يذكر قبضه، هل يكون ذلك دفعاً؟ قال: لا، وإن ذكر القبض فهو دفع، وإن لم يتبين مقدار البدل؛ لأن ترك بيان مقدار البدل فيما لا يحتاج إلى القبض لا يضر.
واعلم أن هذه المسألة في الحاصل على وجهين:
إن وقع الصلح عن الكرم لا غير إن كان البدل معلوماً، أو لم يكن معلوماً إلا أن الشهود شهدوا (٢٦٧ب٤) على قبضه كان الصلح صحيحاً، وكان دعواه دفعاً.
وإن وقع الصلح عن الكرم وعن الغلات التي استهلكها المدعى عليه ببدل من خلاف جنس الواجب باستهلاك الغلة، وافترقا من غير قبض بطل الصلح في حق الغلة، سواء كان البدل معلوماً، أو لم يكن، فلا يكون هذا دفعاً في حق الغلة.
[محضر في دعوى الدفع من الوارث لدعوى أرض من التركة]
وصورته: رجل ادعى أرضاً من تركة ميت على وارث، فقال الوارث للمدعي في دفع دعواه: إنك مبطل في هذه الدعوى؛ لأنك قد قلت لي مرة: تواز بدر ميراث يافتة يا منكويد قد قلت لي مرة: سس بدر مال سيار كد فته من كفتم كد ام مال ميراث يا فته أم تو كفتي فلان ذمين إز توا قرار ست بملكي من ودعوى تو باطل إست هل يصح الاحتجاج منه بهذا الكلام؟ وهل يكون ذلك دفعاً لدعواه؟ وكان فيه جواب نجم الدين النسفي رحمه الله أن في قوله: ميراث يافتة يكون دفعاً؛ لأنه إقرار بالملك له، وفي قوله: كدفته لا يكون دفعاً؛ لأن هذا ليس بإقرار بالملك، وهذا الجواب ظاهر.