له أن يستخلص الظاهر والباطن وله أن يترك الباطن وينتفع بالظاهر، في «فتاوي أبي الليث» مواضع موات على شط جيحون عمرها أقوام واستولوا؛ كان للسلطان أن يأخذ العشر من غلاتها، وهذا الجواب مستقيم على قول محمد؛ لأن ماء الجيحون عنده عشري والمؤنة تدور مع الماء، فلو أباح السلطان من ذلك للرباط شيئاً فأراد المتولي أن يصرف من ذلك إلى مؤذن الرباط فله ذلك وإن كان المؤذن فقيراً لا يحل صرفه إلى الرباط، فإن صرف العشر للفقراء وإن أرادوا الحيلة في ذلك أن يصرف إلى الفقراء ثم الفقراء يصرفون إلى الرباط، وكذلك من عليه الزكاة إلى بناء المسجد أو القنطرة لا يجوز وإن أرادوا الحيلة فالحيلة أن يتصدق المتولي على الفقراء ثم الفقير يدفعه إلى المتولي يصرف ذلك.
رباط فيه ثمار فإن كان ثماراً لا قيمة لها نحو الثوب وما شاكل ذلك فلا بأس للنازلين أن يتناولوا منها، وإن كانت ثمار لها قيمة فالاحتراز عن ذلك أحوط لدينه؛ لأنه يحتمل أنه جعل ذلك وقفاً للفقراء دون النازلين فيها، وهذا إذا لم يعلم أنه وقف على الفقراء، أما إذا علم ذلك لا يحل لغير الفقير أن يتناولوا منها. في «فتاوي أبي الليث» : رجل دفع إلى خادم دار عمران * وهي دار يسكنها الفقراء * درهماً وأمره أن يشتري بها خبزاً ولحماً وينفق على المقيمين فيها، فلم يحتج الخادم ذلك اليوم إلى الخبز واللحم وقد كان اشترى قبل ذلك الخبز واللحم بالنسيئة، فقضى ذلك الذي بيده الدراهم ضمن لأنه خالف أمره.
[الفصل الثالث والعشرون: في المسائل التي تعود إلى الأشجار التي في المقابر وفي أرض الوقف وغير ذلك]
في «فتاوي أبي الليث» : مقبرة فيها أشجار فهذه المسألة على وجهين: أحدهما: أن تكون الأشجار نابتة قبل اتخاذ الأرض مقبرة، وأنه على وجهين أيضاً: إن كانت الأرض مملوكة لها مالك فالاشجار بأصلها على ملك رب الأرض يصنع بالأشجار وأصلها ما شاء؛ لأن موضع الأشجار من الأرض لم يصر مقبرة؛ لأنه مشغول بملك صاحب الشجر، وإن كانت الأرض مواتاً لا مالك لها واتخذها أهل القرية مقبرة؛ فالأشجار بأصلها على حالها القديم.
الوجه الثاني: إذا نبتت الأشجار بعد اتخاذ الأرض مقبرة وإنه على وجهين أيضاً: إن علم لها غارس فهي للغارس لأنها ملك، وإن لم يعلم لها غارس فالحكم في ذلك إلى القاضي إن رأى بيعها وصرف ثمنها إلى عمارة المقبرة فله ذلك؛ لأنه إذا لم يعلم لها غارس كانت في حكم الوقف، ألا ترى أن الشجرة إذا نبتت في ملك إنسان ولا يعرف لها غارس كانت الشجرة لصاحب الملك فكذا.
فيه أيضاً: إذا غرس شجراً في المسجد فاعلم بأن هذا الجنس أربع مسائل: