ورددنا ثلث الإبريق على الورثة فقد سلم للورثة ثلث الإبريق، وقيمته ستة وثلثان، وسلم لهم من ثمن الإبريق ثلثا المائة ستة وستون وثلثان وقيمته ستة دنانير، فجملة ذلك ثلاثة عشر ديناراً وثلث دينار، وهذا هو تمام حقهم وسلم للمشتري ثلثا الإبريق، وقيمته ثلاثة عشر وثلث بثلثي مائة وقيمته ستة وثلثان فكان السالم للمشتري بطريق الوصية ستة دنانير وثلث دينار فاستقام الثلث والثلثان.
[الفصل الخامس عشر: في الاستبدال ببدل الصرف]
قال محمد رحمه الله: إذا اشترى الرجل عشرة دراهم بدينار فنقد مشتري الدينار لتسعة دراهم وبقي درهم، ونقد مشتري الدراهم الدينار فلم يتفرقا حتى قال مشتري الدراهم لمشتري الدينار يعني بالدرهم لي عليك كذا فباعه، فإن البيع لا يجوز ولا يبرأ مشتري الدينار عن بدل الصرف، وقال زفر رحمه الله: يجوز البيع، ولكن مشتري الدينار لا يبرأ عن بدل الصرف.
واعلم بأن الاستبدال ببدل الصرف قبل القبض لا يجوز أجمع عليه أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر رحمهم الله، غير أن زفر قال: بجواز البيع في هذه الصورة؛ لأنه يجوز هذا البيع بمثل بدل الصرف وتبقى الإضافة إلى بدل الصرف في حق تعلق العقد به وتقررها في حق بيان قدر الواجب وصفته، فلا يكون هذا استبدالاً ببدل الصرف قبل القبض، ونحن نعتبر الإضافة إلى بدل الصرف في حق تعلق العقد به من وجه، فيكون هذا استبدالاً لا ببدل الصرف من وجه، وإنه لا يجوز كالاستبدال من كل وجه.
وإنما لم يجز الاستبدال ببدل الصرف قبل القبض عندنا لوجهين:
أحدهما: أن الاستبدال ببدل الصرف قبل القبض يفوت قبض بدل الصرف من حيث الحقيقة، فإنه لا يوجد قبض الدراهم التي هو بدل الدينار من مشتري الدراهم بعد استبدال به، وإنما يوجد قبض بدل الثوب أو الدينار التي اشترى، وفوات قبض بدل الصرف يوجب بطلان الصرف، فيكون الاستبدال ببدل الصرف سبباً لفساد الصرف يكون فاسداً.
الوجه الثاني: إن كل واحد من بدل الصرف ثمن من وجه إما كونه ثمناً فظاهر، وأما كونه مثمناً؛ لأن عقد الصرف بيع؛ لأنه مبادلة مال بمال والبيع ليس إلا مبادلة، ولهذا قالوا: إذا حلف أن لا يبيع فصارف يحنث في يمينه، فثبت أن عقد الصرف بيع.
قلنا: والبيع ما يشتمل على مبيع وثمن، وليس أحد البدلين إذا كانا دراهم أو دنانير بأن يجعل مبيعاً والآخر ثمناً بأولى (١٥٦أ٣) من الأخر، فجعل كل واحد منهما مبيعاً وثمناً من وجه ضرورة انعقاد البيع، وإن كان كل واحد منهما مبيعاً حقيقة كذا هاهنا.
وإذا صار كل واحد منهما ثمناً من وجه مثمناً من وجه، فنقول: إن جاز الاستبدال به قبل القبض من حيث إنه ثمن لا يجوز الاستبدال به قبل القبض من حيث إنه مثمن، فلا