منها ثم وزنها على صاحبها ويسلمها إليه فلم يرفعها أياماً ثم اختصموا في كراء ذلك الموضع، ورب الدار بأحد الحمال بالكراء فإن كانت الأحمال في موضع مستأجر بالعقد، فالكراء على من استأجر، وإن كانت الأحمال في موضع يستعمل بأجر غير معقود عليه فبعد الوزن والتسليم يحب الكراء على المسلم إليه وقبل ذلك يجب على الحمال؛ لأن ما يجب في هذه الصورة يجب بحكم الاستعمال لا بالعقد، والمستعمل بعد التسليم المسَلم إليه وقبل ذلك المستعمل هو الحمال.
الفصل السابع عشر: الرَجل يستأجر فيما هو شريك فيه
وإذا استأجر أحد الشريكين نصف دابة صاحبه أو نصف عبد صاحبه على أن يحمل نصيبه من الطعام المشترك إلى موضع كذا والطعام غير مقسوم فلا أجر له، وعلى هذا الإجارة على عمل في محل مشترك.
ووجه ذلك: أن المقصود من هذه الإجارة ليس نفس العمل، بل المقصود وصف يحصل للمتحمل وهو ضرورة المحمل محيطاً ومحمولاً، وهذا الوصف لا يتصور تحصيله للبائع، فقد أضاف العقد إلى محل لا يمكن تحصيل المعقود عليه فيه فلغى العقد.
قال محمد رحمه الله: لو استأجر أحدهما نصف سفينة صاحبه ليجعل الطعام المشترك، ولأحدهما رحى فاستأجر أحدهما نصف رحى شريكه ليطحن به الطعام المشترك، وكذلك لو استأجر منه نصف الجوالق على أن يحملا فيه هذا الطعام إلى موضع كذا.
والفرق هو: أن الإجارة إذا وقعت على العمل فوجوب الأجرة يقف على العمل في محل شائع لا يتصور فلا ينعقد العقد، أما إذا وقعت على المنفعة فوجوب الأجر لا يقف على إيقاع النفع في ذلك المحلّ، ألا ترى أنه يجب الأجر بتسليم العين قبل الانتفاع، فيصبح العقد في قول من يجوز إجارة المشاع.
ذكر هذه المسائل في «المنتقى» وفي «عيون المسائل» ، قال محمد رحمه الله في «العيون» عقيب ذكر هذه المسائل: كل شيء استأجره أحدهما من صاحبه مما يكون منه عمل، فإنه لا يجوز وإن عمل فلا أجر له وكل شيء استأجره أحدهما من صاحبه لا يكون منه العمل فهو جائز، وذلك نحو الجوالق وأشباهه، قال الفقيه رحمه الله: هذا خلاف رواية الأصل، فإنه ذكر محمد رحمه الله في كتاب المضاربة لو استأجر من صاحبه بيتاً أو حانوتاً لا يجب الأجر.
وفي «نوادر ابن سماعة» : رجل استأجر رجلين يحملان له هذه الخشبة إلى منزله بدرهم، فحملها أحدهما فله نصف درهم وهو متطوع إذا لم يكونا شريكين قبل ذلك في الحمل والعمل.