الفصل الثامن عشر: في الطلاق الذي يقع بقوله أوّل امرأة أتزوّجها وبقوله آخر امرأة أتزوّجها
قال حسن رحمه الله في «الأصل» : إذا قال الرجل: أوّل امرأة أتزوّجها فهي طالق، فتزوّج امرأتين في عقدة واحدة، وواحدة في عقدة لم تطلق واحدة منهنّ؛ لأنّه أوقع الطلاق على أوّل امرأة يتزوّجها؛ والأوّل اسم مفرد سابق، وفي المرأتين إذا وجد السبق لم توجد الفرديّة، وفي الواحدة؛ لأنّ وحدة الفردية لم توجد السبق، فإن كان قال مع هذا: وآخر امرأة أتزوّجها فهي طالق لا تطلق الثانية ما لم يثبت الزوج، فإذا مات يقع الطلاق عند أبي حنيفة رحمه الله مستنداً إلى وقت التزوّج وعندهما مقيض.
أو لو: قال آخر امرأة أتزوّجها فهي طالق، فتزوّج أم لم يتزوّج قبلها ولا بعدها حتّى مات لم تطلق؛ لأنّها موصوفة بالأوليّة، فلا تتصف بالآخرية ليستا بينهما. ولو قال: أوّل امرأة أتزوّجها فهي طالق، فتزوّج امرأة طلقت تزوّج بعدها أخرى أو لم يتزوّج.
ولو قال: أوّل امرأة أتزوّجها فهي طالق، فتزوّج امرأتين إحداهما معتدّة الغير وقع الطلاق على التي صحّ نكاحها، وكذلك لو تزوّج امرأة نكاحها فاسدة ثمَّ تزوّجها بعدها أخرى نكاحاً صحيحاً يقع الطلاق على الأخرى، وهذا بناءً على أن ذكر التزوّج في المستقبل ينصرف إلى النكاح الصحيح دون الفاسد، فكأنّه قال: أوّل امرأة أتزوّجها نكاحاً صحيحاً، فهي طالق، والتي صحّ نكاحها أوّل امرأة تزوجها نكاحاً صحيحاً.
قال في «الجامع» : إذا قال الرّجل: آخر امرأة أتزوّجها فهي طالق، فتزوّج عمرة ثانياً ثمَّ مات الحالف طلقت زينب، ولا تطلق عمرة؛ لأنّ الحالف جعل الآخرية صفة للعين وزينب هي الموصوفة بذلك لا عمرة؛ لأنّ عمرة موصوفة بكونها أوّلاً في النكاح الأوّل، وكلّ ذات اتصفت بالأوليّة في نكاح لا يتصف بالآخرية في نكاح الآخر؛ لأن الذات لا تختلف باختلاف النكاح، والذات الواحدة في الشاهد لا يجوز أن تتصف بالأوّلية والآخرية.
ولو نظر إلى عشر نسوة وقال: آخر امرأة أتزوّجها منكنَّ طالق، فتزوّج واحدة منهن، ثمَّ تزوّج أخرى ثمَّ طلق الأولى، ثمَّ تزوّجها ثمَّ مات فالطلاق واقع على التي تزوّجها مرّة دون التي تزوّجها مرتين، وهذه المسألة والمسألة الأولى سواء فيما إذا مات الزوّج بعد تزوّج الثانية، وإنّما يفترقان فيما إذا لم يمت الزوج حتى تزوّج العاشرة بأن تزوّج مثلاً أربعاً وفارقهنَّ، ثمَّ تزوّج أربعاً أخرى وفارقهن، ثمَّ تزوّج التاسعة، ثم تزوّج العاشرة فإنّ العاشرة تطلق كما تزوّجها مات الزوج أو لم يمت.
وفي المسألة الأولى: لو تزوّج عشر نسوة على التفاريق، فالعاشرة لا تطلق ما لم يمت الزوج، والفرق أنَّ في المسألة الأولى أوقع الطلاق على آخر امرأة تزوّجها من نساء