للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشتري؛ لأن قضاء القاضي بالفسخ اعتمد سبباً ظاهراً، وهو كونها مرهونة، وهذا لم ينعدم من الأصل بل زال بعد تحققه، فلا يوجب بطلان القضاء على ما مر.

ولو كان الراهن قد قضى الدين وقبض الجارية ثم باعها من هذا المشتري، ثم إن المرتهن جحد القضاء، وقضى القاضي له بالعبد رهناً، وطلب المشتري من القاضي أن يفسخ العقد، وفسخ ورد الثمن على المشتري، ثم أقام البائع بينة على قضاء الدين واستردادها قبل البيع وبأخذها، وأراد أن يلزم المشتري هل له ذلك؟ وقع في بعض نسخ محمد رحمه الله أن المسألة على التفصيل.

ولو كان المشتري (١٠٩ب٤) لم يقبضها حتى استحقها المرتهن ليس له ذلك؛ لأن قضاء القاضي بالفسخ كان باعتبار سبب قائم، وهو عجز البائع عن التسليم، وهذا لم ينعدم من الأصل، بل ارتفع بعد تحققه، فلا يوجب بطلان القضاء، وإن كان المشتري قبضها فله أن يلزم المشتري عند محمد وأبي يوسف الأول، خلافاً لأبي حنيفة وأبي يوسف الآخر رحمهم الله؛ لأن الجارية إذا كانت مسلمة إلى المشتري لم يكن قضاء القاضي بالفسخ باعتبار العجز عن التسليم، بل لكونها مرهونة، وهذا قد انعدم من الأصل، فيبطل قضاء القاضي عند محمد وأبي يوسف الأول على ما مر.

ووقع في بعض النسخ أن له أن يلزم المشتري عند محمد وأبي يوسف الأول مطلقاً من غير تفصيل، وهكذا ذكر صاحب «الكتابٍ» فهذا الإطلاق يدل على ولاية الإلزام عند محمد وأبي يوسف الأول، سواء كانت الجارية مسلمة إلى المشتري أو لم تكن، وهو الصحيح، أما إذا كانت الجارية مسلمة فلما قلنا، وأما إذا لم تكن مسلمة فلأن عجز البائع عن التسليم قد انعدم من الأصل؛ لأن عجز البائع عن التسليم لكونها مرهونة، وقد انعدم ذلك من الأصل، والله أعلم.

[الفصل التاسع والعشرون: في بيان ما يحدث بعد إقامة البينة قبل القضاء]

قال محمد رحمه الله في «الجامع» : عبد في يدي رجل جاء رجل وادعى أنه عبده، وأنكر صاحب اليد دعواه، فذهب المدعي ليأتي بالشهود فباع صاحب اليد العبد من رجل وسلمه إليه، ثم أودع المشتري العبد من البائع، وغاب ثم إن المدعي أعاد صاحب اليد عند القاضي هذا ليقيم عليه البينة بحقه، فهذه المسألة على وجوه:

إما إن علم القاضي بما صنع ذو اليد أو لم يعلم، ولكن أقر المدعي بذلك، وفي الوجهين جميعاً لا خصومة للمدعي مع صاحب اليد، وسيأتي جنس هذه المسائل في كتاب الدعوى إن شاء الله تعالى.

وكذلك إذا أقام صاحب اليد بينة على إقرار المدعي بذلك؛ لأن الثابت بالبينة إذا صحت كالثابت عياناً، فكأن القاضي عاين إقرار المدعي بذلك؛ وإن لم يكن شيء من

<<  <  ج: ص:  >  >>