وإذا أخذ الرجل غيره بأن يذبح له هذه الشاة، وكانت الشاة لجاره؛ ضمن الذابح علم أن الشاة لغير الآمر أو لم يعلم، وهل يرجع بالضمان على الآمر؟ إن علم أن الشاة لغير الآمر حتى علم أن الأمر لم يصح لا يكون له حق الرجوع، وإن لم يعلم حتى ظن صحة الأمر رجع، وذكر شيخ الإسلام هذه المسألة مع أجناسها في شرح كتاب الديات.
في غصب «فتاوى أبي الليث» : سئل أبو بكر عن رجل جاء بدابة إلى شط نهر ليغسلها، وهناك رجل واقف، فقال الذي جاء بالدابة للرجل الواقف: أدخل هذه الدابة النهر، فأدخلها وغرقت الدابة وماتت الدابة، والآمر سائس الدابة، إن كان الماء بحال يدخل الناس فيه دوابهم للغسل والسقي؛ لا ضمان على أحد؛ لأن للسائس أن يفعل ذلك بيده، ويد غيره، وإن لم يكن الماء بحال يدخل الناس دوابهم فيه، فلصاحب الدابة الخيار؛ إن شاء ضمن السائس، وإن شاء ضمن المأمور، وهكذا ذكر ههنا، وفيه نظر ينبغي أن لا يجب الضمان على الآمر، وهو السائس؛ لأن مجرد الأمر بالإتلاف إنما يوجب الضمان على الآمر إذا كان الآمر هو السلطان، أو من بمعناه؛ فإن ضمن للسائس لا يرجع السائس على المأمور، وإن ضمن المأمور إن كان المأمور لم يعلم أن الآمر ليس له الدابة حتى ظن صحة الأمر رجع على السائس.
وفيه أيضاً: رجل قال لغيره: خرق ثوبي هذا، وارم الماء.... ففعل المأمور ذلك، فلا ضمان عليه؛ لأنه فعل بأمره لكنه يأثم؛ لأنه إضاعة المال بلا فائدة.
في «العيون» قال لآخر: احفر لي باباً في هذا الحائط، ففعل فإذا الحائط لغيره ضمن الحافر؛ لأنه ملك الغير، ويرجع على الآمر؛ لأن الأمر قد صح بزعمه، فإنه قال: احفر لي، وإنه يدل على كونه مالكاً وكذلك إذا قال: احفره في حائطي أو لم يقل ذلك، ولكن كان ساكناً في ذلك الدار؛ لأنه من علامات الملك أيضاً، ولو لم يقل: لي ولم يقل في حائطي، ولم يكن ساكناً في ذلك الدار؛ لأنه من علامات الملك أيضاً، ولو لم يقل في حائطي، ولم يكن ساكناً في تلك الدار، ولم يستأجره على ذلك، فلا رجوع له على الآمر؛ لأن الأمر لم يصح بزعمه.
[الفصل الحادي عشر في زراعة الأرض المغصوبة، والبناء فيها]
في «فتاوى أبي الليث» : غصب من آخر أرضاً، وزرعها ونبتت، فلصاحبها أن يأخذ الأرض، ويأمر الغاصب بقلع الزرع تفريغاً لملكه، فإن أبى أن يفعل، فللمغصوب منه أن يفعل ما لو رفع إلى الحاكم كان يفعله يريد به أن للمغصوب منه أن يقلعه بنفسه.
في «العيون» : غصب من آخر أرضاً، وزرعها حنطة، ثم اختصما، وهي بذر لم