أحدهما: أن هذا لا يوجب خللاً في شهادتهم، وفساد؛ لأن الشهود إذا شهدوا عل إقراره بالبيع والشراء من المدعي، فقد ثبت البيع والشراء بشهادة الشهود، ولكن بناءً على الإقرار والبيع بسبب الملك.
والثاني: أنهم شهدوا على إقراره، ولا علم لنا بعدم شهادتهم على البيع، ولعل لهم شهادة على البيع، لكن لم يشهدوا في الابتداء على البيع، بل شهدوا على إقراره أولاً، ثم شهدوا على البيع، وهو السبب الموجب للملك، فلم يكن في الشهادة خللاً.
[محضر في دعوى الثمن]
ادعى على غيره كذا ديناراً نيسابورية جيدة ديناً لازماً، وحقاً واجباً بسبب صحيح، وذكر فيه، وأقر المدعى عليه أن هذه الدنانير عليه بسبب أنه اشترى من هذا المدعي كذا مناً من دهن السمسم الصافي، وبين أوصافه شراءً صحيحاً، وقبضه منه قبضاً صحيحاً، فواجب على المدعى عليه تسليم هذه الدنانير المذكورة فيه إلى هذا المدعي، وذكر جواب المدعى عليه بالإنكار، وذكر بعده شهادة الشهود على إقرار المدعى عليه بهذا الشراء المذكور فيه هذا المبلغ من الدهن الموصوف فيه.
وقال كل واحد من الشهود بالفارسية: كواهي سيدهم كه اين مدعى عليه، وأشار إليه مقراً مد كه بحال صحت، ورواني إقرار خويش بطوع، ورغبت وحنين كفت كه بخريده ام ازين مدعي، وأشار إلي المدعي مفتصد من روعن كنحيل باكيزة صافي خريدني دردست، وقبض كردم قبض كردني دردست، فاستفتوا عن صحة هذه الدعوى فقيل: إنها فاسدة من وجهين، والشهادة غير مطابقة للدعوى.
أما بيان أحد وجهي فساد الدعوى أن المدعي ادعى إقرار المدعى عليه بهذا المال المذكور فيه، ودعوى الإقرار بالمال غير صحيح لوجهين:
أحدهما: أن دعوى الإقرار ليس بدعوى للحق؛ لأن حق المدعي المال دون الإقرار، فإذا ادعى الإقرار فقد ادعى ما ليس له بحق له.
والثاني: أنه ظهر وجه الكذب في هذه الدعوى؛ لأن نفس الإقرار ليس بسبب لوجوب المال إنما الموجب شيء آخر، وهو المبايعة والإقراض، أو ما شاكل ذلك، فلو كان الحق ثابتاً للمدعي بسببه لادعى ذلك، ولبين سببه، فلما أعرض عن ذلك، ومال إلى الإقرار علم أنه كاذب في الدعوى.
والوجه الثاني: لفساد الدعوى أنه لما بين سبب الوجوب وشري الدهن، لا بد وأن يبين أن هذا المبلغ من الدهن (٢٧٠ب٤) الذي يدعي بيعه المدعى عليه كان موجوداً وقت البيع حتى يقع البيع صحيحاً؛ لأن على تقدير عدمه وقت البيع، أو عدم بعضه لا يكون البيع منعقداً في حق الكل، أو في حق البعض، فلا يكون الثمن واجباً على المدعى عليه، فلا تستقيم دعوى الثمن بسبب الشراء، والبيع أكثر ما في الباب أنه ذكر قبضه قبضاً صحيحاً، لكن هذا لا يكفي لصحة البيع ووجوب الثمن لوجهين: