عن محمد: استأجر رجلاً شهراً؛ ليعمل له عملاً مسمى بأجر معلوم، ثم أمره في خلال الشهر بعمل آخر مسمى بدرهم مثلاً، فالإجارة الثانية فاسخة للإجارة الأولى بالقدر الذي دخل في الإجارة الثانية، حتى لا يكون له أجرين، بل رفعه بحصة ذلك القدر، فإذا فرغ من العمل الثاني لزمه أجره، وذلك درهم، وتعود الإجارة الأولى.
[الفصل الخامس عشر: في بيان ما يجوز من الإجارات، وما لا يجوز]
هذا الفصل مشتمل على أنواع: نوع يفسد العقد فيه لمكان الجهالة.
قال محمد في «الأصل» : إذا استأجر الرجل قِدراً بعينه ليطبخ فيه اللحم، فإن بين الوقت بأن قال: يوماً، أو بين مقدار اللحم يجوز، وإن لم يبين واحداً منهما لا يجوز لمكان الجهالة، وكذا في إجارة الموازين والمكاييل ينبغي أن يبين المدة، أو مقدار ما يكتله أو يزينه به، وإن لم يبين واحداً منهما لا يجوز لمكان الجهالة.
قال في «الأصل» : إذا استأجر الرجل نصيباً من دار غير مسمى، بأن قال لغيره: استأجر منك نصيبك من هذه الدار أو من هذا العبد أو من هذه الدابة، ولم يبين نصيبه، على قول أبي حنيفة: لا يجوز وعلى قول أبي يوسف: يجوز إذا علم بالنصيب بعد ذلك، وهو قول محمد أما على قول أبي حنيفة لا يشكل أنه لا يجوز، لأن المستأجر مشاع مجهول لا يدري أنه ثلث أو ربع أو نصف.
ولهذا قال: لو باع نصيباً من دار والمشتري لا يعلم لا يجوز البيع لجهالة المبيع فدل أن المستأجر مشاع مجهول، ولو كان مشاعاً معلوماً بأن أجر النصف أو الثلث لم يجز عنده، فإذا كان مشاعاً مجهولاً أولى أن لا يجوز.
وعلى قول أبي يوسف لا يشكل أنه يجوز؛ لأن جهالة النصيب عند المشتري لا تمنع جواز البيع عنده، حتى قال: إذا اشترى نصيباً من دار ولم يعلم مقداره جاز وله الخيار إذا علم بالنصيب بعد ذلك فلا يمنع جواز الإجارة أيضاً، فإذا لم يجز أن يمنع الجواز؛ لأجل هذه الجهالة على مذهبه بقي بعد ذلك مجرد الشيوع والشيوع غير مانع من الإجارة، وإنما الأشكال على قول محمد، وذلك لأن جهالة النصيب عنده يمنع جواز البيع فيجب أن يمنع جواز الإجارة أيضاً، وإن كان الشيوع لا يمنع الجواز على مذهبه ولكن من مشايخنا من قال: بأن قول محمد ها هنا يلحق بقول أبي حنيفة لا بقول أبي يوسف؛ لأنه كما ذكر قول محمد عقيب قول أبي يوسف، فقد ذكر قول أبي حنيفة فيلحق قوله بقول أبي حنيفة، أن لا تجوز هذه الإجارة على قول أبي حنيفة وهو قول محمد، فعلى هذا لا يثبت الرجوع عن محمد في البيع.
ومنهم (٢٧أ٤) » من قال: قول محمد يلحق بقول أبي يوسف، يعني تجوز الإجارة على قوله، واختلفوا فيما بينهم منهم من أثبت رجوع محمد عما ذكر في البيع؛ لأن جهالة